احتفلت أبخازيا يوم الجمعة الموافق 23 مارس 2018، بالذكرى الـ 25 لتأسيس اللجنة الحكومية الأبخازية المعنية بإعادة المهجرين إلى الوطن. فعلى مدى ربع قرن من العمل الدؤوب، عاد أكثر من أربعة آلاف ونصف مواطن إلى وطنهم أبخازيا. و حصل حوالي 11 ألف شخص على الجنسية الأبخازية.

أستاندا آردزينبا

تأسست اللجنة الحكومية الأبخازية المعنية بإعادة المهجرين إلى الوطن في 23 مارس من العام 1993، ووقع المرسوم آنذاك رئيس المجلس الأعلى فلاديسلاف آردزينبا. في ظروف هذه الحرب الشرسة، أدرك الشعب الأبخازي أهمية وضرورة توحيد الأمة، وتعزيز وتطوير العلاقات بين أبخازيا وابخاز الشتات (الأباظة) في الخارج. مع هذه الخطوة، كانت الآمال المرتبطة بمستقبل مشرق للدولة الفتية، والتي مضت قدما لتحرير البلاد من المحتلين الجورجيين.

زعيم الامة فلاديسلاف اردزينبا قال يومها عبارة تاريخية "ان عودة ابناء شعبنا سيحفظ بلدنا"، ومنذ ربع قرن وهذه الكلمات اصبحت شعاراللجنة الحكومية الابخازية المعنية باعادة المهجرين إلى الوطن.

وبسبب الحرب القوقازية وسياسة الاحتلال من قبل روسيا القيصرية في القوقاز، اضطر أبناء شعب الأباظة، من أبخاز وأبازين إلى مغادرة وطنهم والانتقال إلى الإمبراطورية العثمانية، وهكذا تم فصل هذا الشعب عن وطنه الام، ولأكثر من قرن ونصف لم يكن لدى هذا الشعب اية امكانية في التواصل واعادة العلاقات.

وقد تمت بالفعل في بداية القرن العشرين أولى المحاولات المنظمة لتنفيذ اعادة الاهل إلى الوطن الام. غير انه، وبسبب الأزمة السياسية للدولة السوفياتية الشابة آنذاك، والتي كانت أبخازيا قد انضمت اليها، فإن كل هذه المحاولات كانت ذات تأثير ضئيل. ولأول مرة و بعد استقلال ابخازيا حصريا، اصبحت عملية الإعادة الى الوطن ممكنة و اتخذت طابعا واسعا وعلى مستوى الدولة.

تراس اللجنة الحكومية الابخازية لاعادة المهجرين منذ تاسيسها وفي أوقات مختلفة كل من : نوغزار أشوبا (1993-1995)، فينيا آفيدزبا (1995-1997 )، غيفي دوبوا ( 1997-2002)، أبولون شينكوبا (2002-2003)، أنزور موكبا ( 2005-2010)، زوراب آدليبا ( 2010-2013)، خريبس جوبوا ( 2013-2014)، فاديم خارازيا (2014-2017)، بسلان دبار ( 2017- وحتى تاريخ يومنا هذا). 

في الوقت الحالي، هناك مادة منصوصة في الدستور الابخازي بشأن العودة إلى الوطن، والتي تنص على أن الابخاز (الأباظة) الذين عادوا إلى وطنهم التاريخي للإقامة الدائمة، يحصلون على صفة العائد الى الوطن و لمدة 5 سنوات. وخلال هذه الفترة، تقدم اللجنة الحكومية الابخازية المعنية باعادة المهجرين إلى الوطن كل المساعدات المالية المحتملة، وتؤمن السكن وقطعة الأرض، وتساعد في العثورعلى العمل بالإضافة الى اجراء المعاملات اللازمة للحصول على الجنسية الابخازية، تدفع اللجنة رسوم التعليم في رياض الأطفال والمدارس، وكذلك فان اللجنة تدفع جزئيا رسوم التعليم العالي والجامعي. 

ولتنفيذ و دعم برنامج العودة إلى الوطن، أنشئ في العام 1998 صندوق للإعادة إلى الوطن من خارج اطارالميزانية السنوية. وحتى العام 2018 ، قدر الرصيد الاجمالي لدى الصندوق ب156 مليون روبل، منها 116 مليون تم توجيهها لبناء مساكن جديدة للعائدين.
ووفقا لخطط القيادة في اللجنة الحكومية، فإن الاحتفالات بيوم النصر الذي يصادف في 30 سبتمبر من هذا العام، سيقابله تسليم مائة عائلة من العائدين مفاتيح شققهم الجديدة.

ووفقا للاحصاءات المقدمة من قبل للجنة الحكومية الابخازية المعنية باعادة المهجرين إلى الوطن، فانه وخلال 25 سنة التي مضت، حصل 11000 شخص على الجنسية الابخازية، واكثر من أربعة آلاف وخمسمائة شخصا قد عادوا بشكل نهائي للاقامة الدائمة في وطنهم التاريخي ابخازيا. 

هذا وأجرت اللجنة الحكومية الابخازية المعنية بإعادة المهجرين إلى الوطن وبالتنسيق مع وزارة الخارجية الأبخازية وتحت رعاية شخصيات اجتماعية معروفة وكذلك شخصيات من ممثلي الوكالات التابعة للدولة الروسية حملة انسانية نبيلة في العام 2013، اذ قاموا بنقل 500 شخص من ذوي الاصول الأبخازية (الأباظة) من سوريا التي تمزقها الحرب الى وطنهم التاريخي ابخازيا. 

بمناسبة الذكرى السنوية الـ25 لتاسيس اللجنة الحكومية الابخازية المعنية بإعادة المهجرين إلى الوطن، اقيم على مسرح الأوركسترا الوطني الأبخازي في مدينة سوخوم احتفال رسمي، القى خلالها الرئيس الابخازي راؤول خاجيمبا كلمته الترحيبية إلى الجمهور وإلى جميع شعوب الاباظة. 

وأشار رئيس البلاد على أن الرئيس الراحل فلاديسلاف اردزينبا، قام بالتوقيع على تاسيس اللجنة الحكومية الابخازية المعنية باعادة المهجرين إلى الوطن وهو واثق وعلى يقين من آفاق الخطوات القادمة وفهمه الحاجة إلى تعزيز الروابط مع الشتات، والحاجة لوضع برنامج لعودة المواطنين من الشتات الى الوطن، هدفا في بناء الدولة المستقلة والقوية.

يقول رئيس البلاد خادجمبا "خلال 25 عاما من العمل الدؤوب، استطاعت اللجنة بناء العلاقات مع اهلنا في الشتات، وقد عاد الكثيرمنهم إلى أبخازيا، وهم يشاركون اليوم في الحياة الاجتماعية والاقتصادية للبلد، وكثير منهم بنوا اسرهم، وبعضهم يمارسون الأعمال التجارية الصغيرة، وبعضهم من هو ناشط في مجال التعليم والثقافة والرياضة. وخلال هذا الفترة في أبخازيا، وفي وطنهم هذا، هذه الأسر رزقوا بأطفال لهم، ترعرعوا و اصبحوا في مرحلة الشباب"

واشار في كلمته أيضا على مشاركة المواطنين من الشتات في الحرب الوطنية الابخازية 1992-1993.

و اشارالرئيس في خطابه قائلا "لا يمكن نسيان أولئك الذين اثناء الحرب الوطنية في أبخازيا قدموا إلينا من تركيا و سوريا والأردن وحملوا السلاح ودافعوا عن أبخازيا، لن ننسى الذين ضحوا بحياتهم من أجل حرية البلاد. وهذا يثبت أنه أينما تواجدوا الأبخاز، فانهم على الدوام يفكرون بوطنهم ومصيره".

وشدد رئيس الدولة على أن اللجنة الحكومية الابخازية المعنية باعادة المهجرين إلى الوطن وغيرها من المؤسسات الحكومية ستعمل بشكل وثيق مع المؤتمر العالمي لشعب الاباظة.

وقال خادجمبا "وحدة أمتنا التي تم تقسيمها، هي بالفعل مأساة تاريخية كبيرة، وعودة اهلنا من الشتات الى الوطن، وكذلك الحفاظ على الشعب الأبخازي، والحفاظ على ثقافته ولغته ينبغي أن تكون اكثر المسائل القومية اهمية".

 تهنئة باسم رئيس اللجنة الحكومية الابخازية المعنية بإعادة المهجرين بيسلان دبار قراها مدير المتحف التاريخي لابخاز الشتات، عضو المجلس الأعلى للمؤتمر العالمي لشعب الأباظة جمبول إيندجيكي: 

"إن العصر الذي نعيش فيه ملئ بالتحديات، ولحلها، لابد ان نكون منعمين بحب وطننا، فمن الضروري النضال من أجل مستقبل الوطن بكل السبل معا وجنبا إلى جنب. اتمنى لكل أولئك الذين يعملون في اللجنة، الذين يعملون لصالح بلدنا وشعبنا، أتمنى لهم حظا سعيدا والصحة والنجاح في عملهم، واتمنى للجميع تحقيق المزيد من الإنجازات!"

من جانبه، أشار رئيس اتحاد المراكز الثقافية الأبخازية في تركيا أتانور أكسوي، في خطابه الى حقيقة أن الأبخاز (الأباظة) في جميع أنحاء العالم تواجههم تحديات جديدة، وخاصة خطر فقدان لغتهم الأم والثقافة وضياع الهوية القومية. 

في رأيه، وبالتوازي يجب العمل على تهيئة الظروف لعودة المواطنين الى وطنهم أبخازيا و ضرورة اعداد برنامج حكومي يهدف إلى حماية الشعب الأبخازي الذين يعيشون في بلدان مختلفة من العالم، وبالاخص حماية الثقافة واللغة والهوية القومية كابخاز (اباظة) في بلدان إقامتهم.

وقال اكسوي: "يجب علينا مساعدة اي شخص يشعربداخله انه جزء من المجتمع الأبخازي، حتى ولو كان هذا الشخص يعيش في تركيا أو في أي بلد آخر".

على شرف الذكرى السنوية الـ 25 لتأسيس اللجنة الحكومية الأبخازية المعنية باعادة المهجرين إلى الوطن، تم اصدار ميدالية تذكارية من قبل اللجنة الحكومية، وقدمت الى سفيتلانا جيرغينيا زوجة الرئيس الاول لجمهورية ابخازيا فلاديسلاف اردزينبا. 

 وفي حفل تكريمي حصل على ميدالية "اخدز- ابشا" من الدرجة الثالثة كل من المذكورين ادناه لمساهمتهم في تعزيز العلاقات ما بين الشتات و الوطن التاريخي و منحت لكل من نجدت أغوما، بيولينت آفيدزبا، جمال الدين آردزينبا، سونير غوغوا، عائدة كفيتسينيا، اركان كوتوربا، احمد مارشان، شرف الدين مارشان، اكرم خيشبا، أقطاي جكوتوا، زيرين شامبا.