في السادس و العشرون من شهر اب/ اغسطس، عمت الاحتفالات الرسمية والشعبية البلاد، وذلك إحياء للذكرى العاشرة للاعتراف الدولي بأبخازيا من قبل روسيا الاتحادية.
سعيد برغانجيا
في سوخوم، جرت الاحتفالات بذكرى الاعتراف بالاستقلال - فقبل 10 سنوات، وبالضبط في 26 أغسطس، أعلن دمتري مدفيديف، الرئيس الاسبق لروسيا الاتحادية المجتمع الدولي عن الاعتراف الرسمي باستقلال جمهوريتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية.
لن ننساهم أبدا...
قدم رئيس أبخازيا الأول فلاديسلاف أردزينبا، السياسي ورجل الدولة البارز، مساهمة لا تقدر بثمن على درب الانتصار والاستقلال. فمن التقاليد اللطيفة في هذا اليوم المميز، هو وضع الورود وأكاليل الزهور على قبر الرئيس الأول لأبخازيا في قريته الأصلية إيشيرا.
وبرأي رامين برغاندچيا، لاعب كرة القدم الابخازي الشاب: "فلاديسلاف أردزينبا - شخصية بارزة، دخل اسمه تاريخنا إلى الأبد. لقد لاحظت ولمرات عديدة أن اسمه يذكر ليس فقط في المناسبات الرسمية، بل وفي الحياة اليومية ايضا. الجيل الشاب فخور به، ويتسابقون للاقتداء به. وهذه هي القيمة الأكثر أهمية، إنها تأكد على أن رئيسنا الأول كان شخصاً رائعاً بحق".
في 26 أغسطس، كرّم شعب أبخازيا أيضا ذكرى الرئيس الثاني للجمهورية - الرئيس الراحل سيرغي باغابش، ويتوافد الناس من جميع أنحاء أبخازيا إلى قريته مسقط رأسه جغيردا من أجل وضع الزهور والأكاليل على قبره.
المواطنة الابخازية زائيرا دارجام والمقيمة في فورونيج، متذكرة الرئيس الراحل باغابش، والتي قدمت مع ابنها للمشاركة جنبا إلى جنب في الاحتفالات: "أتذكر جيدا خطابه على إحدى القنوات التلفزيونية الروسية، التي أعدت برنامجا خاصا عن الاعتراف باستقلال أبخازيا. كنت يومها في مدينة فورونيج، غرف قلبي لرؤيته، شعرت بالفخر به و بكلامه، أنا أشكره جزيل الشكر على كل ما فعل بالنسبة لبلادنا، سيبقى في الذاكرة الى الابد".
مشاهدة شريط الصور لهذا الحدث >>
في هذا اليوم، قام سكان وضيوف العاصمة الأبخازية بوضع اكاليل الزهور في حديقة المجد، و ذلك تكريما لذكرى الأبطال الذين استشهدوا خلال الحرب الجورجية الأبخازية. وحضر التكريم عدد كبير من الناس، جاؤوا من جميع المناطق الأبخازية.
و أشار أستامور أريستافا المقيم في مدينة غاغرا "لقد استشهدوا دون خوف او ارتباك، ونحن نعرفهم، فلقد كانوا يقاتلون من أجل كل شبرمن أرضهم الام. ستسطر بطولاتهم في سجل التاريخ، وسوف تكون شجاعتهم مثالا للأجيال القادمة. لقد جئنا إلى هنا لنقول اهم ما يمكن ان يقال باننا: لن ننساهم ابدا".
10 سنوات مرت و كأنها لحظة واحدة
في قاعة المعارض المركزية لاتحاد الفنانين في أبخازيا، وفي إطار الاحتفال بيوم الاستقلال، تم افتتاح معرض الصورتحت اسم "يوم الاعتراف" للفنانين إبراهيم تشكادوا وفلاديمير بوبوف.
اظهر المعرض التسلسل الزمني للجوانب الرئيسية للتاريخ السياسي لجمهورية أبخازيا لمدة ربع قرن من استقلال البلاد.
المعرض عبارة عن مجموعة من الصور لشخصيات بارزة في عالم السياسة الروسية و الدولية، الذين زاروا أبخازيا خلال 25 عاما. إنها مهمة اجتماعيًة، اذ أنها تُظهر المسار السياسي ويعكس رؤية الشخصيات المشاركة في هذه الأحداث. وهذا جزء من تاريخنا الحديث، الذي صمد امام الحصار الدولي، ولحظة الاعتراف وأولى الزيارات الرسمية للدولة. وقال أحد الفنانين في المعرض، إبراهيم شكادوا، إن الوقت قد حان ان نتفكر، ونتذكر، ونقيم، ثم نعيد تقدير الامور للأفضل، وقد لاقى المعرض رضا الزوار على حد سواء.
وعبرت ليندا تاربا عن انطباعاتها اثناء زيارتها المعرض وقالت: "هذا أرشيف فريد، يعيد الينا شريط ذكريات الأحداث المصيرية لتاريخ بلدنا. شكرا لفنانينا الذين عكسوا العديد من الأحداث التاريخية الهامة، وعكسوا ايضا دور الشخصيات البارزة في تلك الفترة المنصرمة. ادعوا جميع الآباء مع ابنائهم لزيارة المعرض هذا. من المهم أن يكون الجيل الطالع على علم كامل عما جرى سابقا".
هذا وسيستمر المعرض حتى 5 سبتمبر، وبعد ذلك سيتم نقل المعروضات إلى متحف الدولة الأبخازية.
الاحتفالات الشعبية - أغاني ورقصات والعاب نارية
في هذا اليوم، شهدت عاصمة أبخازيا عاصفة احتفالية صاخبة: الناس يتجولون ويرفعون علم بلادهم، والتحية الحارة يتبادلونها فيما بينهم. اجواء احتفالية بامتياز، ففي ساحة سيرغي باغابش اصطفت عروض الفاكهة في الخيم و كانها جنة حقيقية، اذ قدموا من جميع مناطق الجمهورية لعرض منتجاتهم الزراعية وتقديم الاطباق الشهية من الماكولات الشعبية.
وقال أحد المشاركين في المعرض: "العين تتراقص لهذا المشهد. الحمد لله على هذه الأرض الجميلة. نحن نعيش في الجنة، واسال الله ان يزيدنا الحكمة للحفاظ على ارضنا، ويبارك لنا بما لدينا".
ضيوف المهرجان قصدوا الخيمة، التي يطهى فيها الأطباق الشعبية، هذا المكان لائق لرفع نخب عن مستقبل أبخازيا.
قالت احدى السائحات من روسيا سفيتلانا خوتسانيان : "لقد جئنا من كراسنودار. لدينا أصدقاء في أبخازيا. في ذلك الوقت، اي قبل عشر سنوات، كنا سعداء لسماع أن روسيا قد اعترفت باستقلال أبخازيا. انها حقا جنة الله على الأرض، انظروا ما حولكم - الحقيقة انها رائعة حقا. كل شيء لذيذ جدا وطبيعة".
استمرت الاحتفالات واقيم حفل على خشبة مسرح سامسون تشانبا الدراما الأبخازي. وحضر هذا الحدث الرسمي رئيس أبخازيا راؤول خادجيمبا، الذي هنأ شعبه بهذه المناسبة.
وجاء في كلمته: "نحن مشينا طويلا ولفترة طويلة وباستمرار على طريق الاعتراف، وفي أصعب الظروف، عندما فازت البلاد بهذه الحرب الدموية، وكانت بلادنا في حالة خراب وحصار، في زمن كنا نناضل من أجل البقاء على قيد الحياة جسديا، مع ذلك لم يراودنا الشك يوما اننا قادرون على بناء دولة مستقلة وذات سيادة. وقال الرئيس ان الشعب وقيادة البلاد متحدان في فهم واضح للأهمية الرئيسية للأهداف السياسية المعلنة".
وقال خادجيمبا أن الاعتراف بأبخازيا أدى إلى تجاوب مماثل من قبل فنزويلا ونيكاراغوا وبلدان أخرى، وتسعى أبخازيا لمزيد من التقدم في تطوير وتقوية العلاقات مع هذه الدول وهي مستعدة لاتخاذ خطوات ملموسة في هذا الاتجاه.
وفي الوقت ذاته، بدأت الاحتفالات الشعبية على جسر سوخوم، فعزفت الأغاني الوطنية في كل مكان، وكان الناس في الأزياء الوطنية يغنون ويرقصون ويلتقطون الصور.
وبين الحين والآخر، وهنا وهناك ترى تشكيلات دائرية و في الوسط عرض بارع من الرقصات القوقازية يؤديه جيل الشباب،
التلميذة ميا تشوكوا تعرف جيدا سبب الاحتفال بهذا اليوم، وقد حدثها من قبل عن ذلك والديها.
وقالت "كان عمري عامين فقط، لكن أمي وأبي حدثوني أنهم ذاقوا مرارة الحرب، وكانت حياة صعبة، ثم ان روسيا قد اعترفت باستقلال بلادنا، وهاهواليوم ونحن نحتفل. اهنؤكم جميعا بهذا اليوم".
ووصل مارك، حفيد بطل أبخازيا غالوست ترابيزانيان والبالغ من العمر ثمانية اعوام مع والدته الى سوخوم قادمين من غاغرا للمشاركة في الاحتفالات.
يقول الطفل مارك: "حدثونا في المدرسة عن الحرب، وعن الذين استشهدوا، وعن النصر.ويعلموننا اليوم أن نكون جميعا من أهل الخير".
الجميع وبالطبع انتظرالتحية الاحتفالية بالالعاب النارية، ومن ثم وأخيرا، لمعت سماء ابخازيا المستقلة، وكانت اشارة لتذكيرالجميع عن هذا الحدث المهم - مرور عشر سنوات على الاستقلال واشارة اخرى عن انتهاء الاحتفالات لهذا اليوم.
يذكر أن الرئيس الروسي السابق دمتري مدفيديف، مع اخذه بعين الاعتبار مسالة حق شعوب اوسيتيا الجنوبية وابخازيا في تقرير مصيرهم على تراب وطنهم، وكذلك الاخذ بأحكام القانون الدولي، وقع على مرسوم اعتراف روسيا الاتحادية باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية في 26 أغسطس 2008. ومنذ ذلك الحين، تحتفل الجماهير بيوم 26 أغسطس من كل سنة في ابخازيا باعتباره يومً الاعتراف باستقلالها.