الموقع الرسمي التابع للمؤتمر العالمي للشعب الابخازي – الاباظة يكشف لك أين يمكنك أن تعلم اللغة الأم في أبخازيا اليوم، وما هي الميزات في المناهج، و هل من الضروري العمل "على جميع الجبهات".
سعيد بارغانجيا
يدق المجتمع الأبخازي المعاصر ناقوس الخطر قائلا: "إننا نفقد لغتنا الأم". بعد أن أصبح عدد الأشخاص، اللذين يتقنون الأبخازية منذ الطفولة أو درسوها بشكل خاص قليل. إن المشكلة حادة بالفعل ، إلا أنه يمكن إيجاد حل لها لو اتبعنا نهجا صحيحا، كما يجيبنا الخبراء. وفي هذا الصدد يشير الخبراء الى أمثلة العديد من الأشخاص الذين كانوا لا يتقنون اللغة، لكن من خلال الرغبة والعمل، يبدأوا بالتحدث بها. لذا، في حال أردنا تعلم اللغة الأبخازية بنجاح ، فأين وكيف يمكن أن يتم ذلك اليوم؟ كيف يمكن للجميع المساهمة في الحفاظ على اللغة من مكانهم ، في أسرهم؟ سنحاول الإجابة على هذه الأسئلة.
النهج الفردي
إن الدروس مع مدرس خاص- هي إحدى أكثر الطرق شعبية لتعلم اللغة، إذ يتميز هذا الأسلوب بالكثير من المزايا حيث يمكن للمعلم والطالب اختيار الوقت المناسب للدروس، والأهم من ذلك ، يمكنك تطوير النهج الفردي إلى فصول دراسية. وفي معظم الأحيان ، يأخذ المعلم طريقة التدريب ، أو يشكل نظامها على أساس عدة تقنيات ، وهي الأكثر فعالية من وجهة نظره. وفي المتوسط ، فإن تكلفة الدرس الفردي الواحد مع معلم اليوم هي 300-500 روبل في الساعة. وفي أغلب الأحيان ، تتجاوز مدة الدرس الساعة الواحدة.
ويمكن العثورعلى معلم باللغة الأبخازية في كل مدينة من مدن أبخازيا. فعلى سبيل المثال ، قامت الصحفية والأديبة نونّا تخوازبا من سوخوم بتدريس اللغة الأبخازية لمدة 12 عاما. وعلى مر السنين ، عملت مع أكثر من مئة شخص. كان طلابها من البالغين والأطفال على حد سواء- معظمهم من العئدين من تركيا والأردن وسوريا. وبطبيعة الحال ، قامت أيضا بتدريس السكان المحليين في أبخازيا.
وكما قالت المعلمة: "عندما بدأت في تعليم اللغة الأبخازية ، لم تكن هناك منهجية دراسية في حد ذاتها . فقد قمت بنفسي بجمع مواد مختلفة كنت قد دَرستُها. بشكل رئيسي ، طلابي في المرحلة الأولى لم يعرفوا اللغة ابدا . لكن أولئك الذين حضروا بشكل منتظم لثلاث مرات في الأسبوع ، أتقنوا قواعد القراءة والكتابة و بدؤوا بالتحدث – فمنهم الأسوأ، ومنهم الأفضل. سبعة أشخاص منهم اتقنوها بشكل مثالي تقريبا ".
وتؤكد المعلمة أن بعض الطلاب رغم قلتهم حضروا فصولها الدراسية لفترة طويلة – لحوالي ثلاث سنوات. وفي معظم الحالات، درس الطلاب لمدة سنة أو أقل تقريبا.
وتابعت نونّا تخوازبا : "الامر يعتمد بشكل اساسي على الدافع الشخصي للطالب. فاللغة الأبخازية هي بالتأكيد ودون ريب ، يمكن تعلمها ، و على هذا هناك أمثلة".
كما أن هناك معلمة آخرى هي الإعلامية البارزة في التلفزيون الأبخازي لانا أبشيلافا - التي بدأت بتدريس اللغة الأبخازية مؤخراً. وهي تعتقد أيضا أن جهود المعلم وحده لا تكفي لإتقان الطالب للغة: فاامر بحاجة الى دافع قوي نابع من الطالب نفسه .
ولخصت لنا أبشيلافا الأمر لنا بقولها: "أتعرف على الطالب، وأحاول فهم مستوى معرفته، وفقط بعد ذلك أختار التقنية المناسبة له. وبالإضافة إلى ذلك، إن الأشخاص الذين يأتون إلي يعملون في مجالات مختلفة، ولذلك نحدد الدروس بناء على طلباتهم. فيمكن أن يكون هناك شخص ما يريد فقط أن يتعلم اللغة الأبخازية "اليومية". مبدئي الرئيسي هو "التعمق" الحقيقي في اللغة خلال الفصول الدراسية ، ثم امور كثيرة تعتمد بعد ذلك على رغبة الطالب نفسه".
البرامج الحكومية
عقب الحرب الوطنية لشعب أبخازيا مباشرة ، أُنشئ صندوق لتطوير اللغة الأبخازية. ومنذ كانون الثاني لعام 2016 ، أعيد تنظيمه ليصبح اللجنة الحكومية المعنية بالسياسة اللغوية. ووفقاً لنائب رئيس اللجنة تاميلا آرشبا ، فتحت اللجنة على مر السنين العديد من الدورات الدراسية المختلفة ، ولكنها لم تحقق الأثر المنشود. فعلى سبيل المثال ، أعلن في العام الماضي عن دورات دراسية لتدريس اللغة الأبخازية لكل شخص في سوخوم – بشكل مجاني تماماً. وأُعلن عن الدورات من خلال جميع وسائل الإعلام في أبخازيا ، وكما تذكر آرشبا أنه ومع ذلك ، من كان على استعداد لتعلم اللغة الأم " قليلا جدا". وبجميع الأحوال ، أقيمت الدورة كما كان مقررا ، ولكن لم تكن هناك نتيجة عملية واسعة النطاق للدروس.
وتابعت آرشبا: "حتى الآن ، لا توجد دورات من هذا القبيل. وتضمنت ميزانية اللجنة أموالا لمشروع تعليم اللغة الأبخازية للأطفال. خططنا لإعداد الأطفال للمدرسة ومع ذلك ، لم يكن لدى الدولة ما يكفي من الأموال ، وأجبرنا على تخفيض المشروع ".
ووفقاً لتصريحاتها، فالمشروع المخطط له للعام الحالي ، يتضمن تعلم اللغة الأبخازية ليشمل جميع موظفي الخدمة المدنية.
ثم تتحدث تاميلا آرشبا عن المشكلة بشكل عام، علما بأنه اليوم ، هناك رغبة حقيقية لتعلم اللغة الأبخازية من المواطنين من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، ليس هناك نظام منهجي للدولة. وتوضح أيضاً ، أن ميزانية اللجنة الحكومية المعنية بالسياسة اللغوية محدودة ، ولا توجد أموال كافية لتغطية نطاق المشاكل بشكل كامل، وترثي أرشبا الوضع قائلة: "لا تزال هناك مشاريع كثيرة على الورق".
وفي نفس الوقت ، فان وزارة العائدين في الجمهورية أولت اهتماما خاصا لتدريس اللغة الأبخازية : فهي ترعى وتجري دورات اللغة للعلئدين المقيمين في أبخازيا نفسها ، وكذلك لمواطنيها في الشتات خارج أبخازيا – وبالاخص في تركيا.
الحقائق المدرسية
كثير من الخبراء المعنيين بمشكلة تعليم اللغة القومية ، الذين تمكنوا من التحدث إلى مراسل المؤتمر العالمي للشعب الأبخازي –الأباظة ، "يوبخون" الأساليب القائمة على التدريس في المدارس ورياض الأطفال. ويقولون بعد الالتحاق بالمدرسة أو بالمؤسسة التعليمية لمرحلة ما قبل المدرسة لا يوجد ضمانات بأن يتكلم الطفل باللغة الأبخازية ، بل على عكس ذلك : فهو يخاطر بأن ينسى مايعرفه ، حتى لو تكلمها. ومع ذلك ، ينبغي أن يوضع في الاعتبار أن لكل مؤسسة تعليمية خصائصها الخاصة ، بما في ذلك في مسائل تعلم اللغة القومية.
ويعتقد مدير مدرسة آلاخادزيخيسكايا رقم 1 في مقاطعة غاغرا سعيد بييّا أن تعليم اللغة الأبخازية في مدرسته جيدة جدا. ووفقا لما ذكره ، يبذل المدرسون قصارى جهدهم لضمان ألا يتعلم الأطفال ضمن المنهاج فحسب ، بل أن يتمكنوا أيضا من التحدث باللغة.
وكما يقول بييّا: "المدرسة روسية وأبخازية [بالمواد] موجهة إلى الأطفال الذين لا يتكلمون اللغة. إذا تحدثنا عن مستوى الامتحانات [في مدرستنا] ، فالنتائج إيجابية".
وردا على سؤال حول الصعوبات التي تواجه في تدريس اللغة الأبخازية في المدرسة ، أعرب عن رأي مفاده أن العديد من المشاكل تعود الى عدم رغبة الأشخاص بشكل عام بتعلم اللغة – مما يعني أنه سيصبح تعليم اللغة للأطفال غاية في صعوبة.
وتابع مدير المدرسة: "كثيرا ما يشتكي الآباء من أن الكتب المدرسية غير مفهومة بالنسبة لهم ، وعليهم أن يزعجو المعلم أو الجيران الذين يتقنون اللغة. وفي الواقع إن هذه المشكلة موجودة. وفي رأيي أن الطفل والسكان عموماً لا يشعرون بالحاجة إلى استخدام اللغة الأبخازية في الحياة اليومية ، وفي العمل".
ويشدد بييّا على أهمية فهم الهدف في البرنامج المدرسي للغة الأبخازية – "الاستعداد بنجاح للامتحانات- أو تعليم القراءة والكتابة والتحدث"؟ ولخص ذلك قائلاً: "حتى الآن ، تتجه المدارس في الغالب لتحقيق هدف واحد وهو –الإمتحانات . وفي الواقع ، ينجح الأطفال في الامتحانات بمستوى جيد. إذاً المدرسة وحدها لا تستطيع حل مشكلة اللغة".
التحدث ضمن العائلة
وبالطبع ، في حالة اللغة الأم ، فإن "مدرسة اللغة" الرئيسية هي الأسرة. يمكننا أن نأخذ على سبيل المثال أي طفل، يتحدث اللغة بفعالية ضمن الأسرة ، حينها نفهم لماذا من الضروري تعليم الأطفال اللغة الأم. يعيش سليمان آتشبا البالغ من العمر خمس سنوات مع والديه في مدينة غوداؤوتا ، ونطق كلماته الأولى باللغة الأبخازية. لذا أصبحت اللغة القومية هي اللغة الأم بالنسبة له . ثم بعد ذلك بدأ الصبي التحدث مؤخراً في اللغة الروسية.
وتعترف والدة سليمان إنغا فاردانيا بأنه كان من الصعب في البداية التحدث مع ابنها باللغة الأبخازية .
فكما تقول إنغا فاردانيا: "أنا لا أتقن اللغة الأبخازية بشكل جيد، وكذلك زوجي لا يتقنها بشكل مثالي، لكننا قررنا بالتأكيد أن أطفالنا لا بد أن يعرفون لغتهم القومية. وحدث ذلك بالطبع، في البداية كان الأمر صعبا- وتمكنا من ذلك بصعوبة كبيرة. فالمفردات التي نعرفها كانت كافية ، بينما الطفل كان صغير جدا، وبمرور الزمن ومع نموّه بالتوازي ، طورنا معرفتنا بأنفسنا ".
وتذكر بأنها طلبت من الجميع – الأصدقاء والأقارب والجيران – أن يتحدثوا مع ابنها باللغة الأبخازية فقط. ووفقا لها ، تنفيذ ذلك لم يكن بتلك السهولة ، ولكن كما أظهرت التجربة ، كانت ممكنة.
وفي مرحلة ما ، كانت والدة الطفل قلقة بشأن الوضع بعد دخوله إلى روضة الأطفال. لتشارك بقولها: "لقد كنا محظوظين جدا مع المعلم ومع روضة الأطفال: الأطفال هناك يتحدثون الأبخازية. أنا فخور جدا أن ابني يتحدث الأبخازية. ويفكر بلغته القومية ، وإذا كان عليه أن يتكلم الروسية ، فمن الواضح أنه يترجم الفكرة من الأبخازية".
إن مشكلة الحفاظ على اللغة الأبخازية هي مشكلة تخص كل ممثل للقومية العرقية الأبخازية. وأهم مكان لدراسة اللغة القومية هو البيت ، الذي ينبغي أن تطغى فيه اللغة الأبخازية. وبعدها تاتي الأسرة و رياض الأطفال والمدرسة والجامعة ، وإذا لزم الأمر – المعلمين والدورات الدراسية الاضافية الخاصة . ولنفرض ان اختيار المنهاج وأشكال التعليم ، بل وحتى الأموال اللازمة لتعلم اللغة الأبخازية امورمحدود ة بالنتائج . فأهم شيء يبقى اذا ،ان تتولد الرغبة لدى الجميع في اتخاذ الخطوة الأولى ، والمثابرة لإتقان اللغة الفريدة - لغتهم الام ، لغة اجدادهم.