المؤتمر العالمي للشعب الأبخازي - الأباظة

28 مارس، 2024
17:24
رائد في كل شيء وبطريرك الأدب الأبخازي
دميتري غوليا
بمناسبة الذكرى السنوية المئة والخامسة والأربعين للشاعر
كتب دميتري غوليا في حديث حول نتائج حياته أنه، ربما، كان قد "شتت طاقته"، بالانخراط في العلم، ثم بالأدب، وفي الواقع فإن مساهمته كانت مذهلة في تنمية وطنه أبخازيا، ولا يمكن إلا الإعجاب بهذا الشخص الموهوب والعمل الذي قام به طوال حياته.
دميتري غوليا، رسم غيورغي غولي
© المتحف المنزلي لدميتري غوليا
مؤسس الأدب الأبخازي، والبطريرك فيها، كما أنه الشاعر الشعبي الأبخازي، والمربي، والعالم اللغوي دميتري غوليا ولد في 21 من شباط عام 1874 من عائلة الفلاح البسيط أورس غوليا (أورس - "الاسم المحلي" لوالد دميتري يوسف) في قرية وارتشا في مقاطعة غولربش.
دميتري غوليا في الخامسة والعشرين من العمر
© apsnyteka.org
الترحيل من الموطن وآرتشا
وترتبط إحدى ذكريات طفولة دميتري المبكرة بالحالة التي وجد فيها آلاف الأبخاز أنفسهم عندما أجبروا على مغادرة ديارهم والانتقال إلى الإمبراطورية العثمانية، حيث كانت عائلة أوريس غوليا واحدة من تلك العائلات التي أجبرت على المغادرة من شواطئ كودور بعد الحرب الروسية- التركية في القوقاز.

ولم ينخدعوا بالكلام عن الفوائد التي تنتظرهم على شواطئ تركيا المجاورة، ولم يرغبوا في مغادرة وطنهم أبخازيا.

هكذا كيف يصف ديمتري غوليا هذه الأحداث في سيرته الذاتية: "جاء رجل نبيل من آل معن أحضر معه العسكر الترك الى الفناء. و قال: "هؤلاء لا يريدون أن يرحلوا"، فأحرق العسكر منزلنا، و ساقوا العائلة إلى البحر، حيث كانت السفينة التركية، حينها كنت في الرابعة من عمري، أحمل زورقاً صغيراً و ممسكاً بيد جدتي فينديك".

المكان حيث يفترض أنه كان هناك منزل أوريس غوليا قبل الترحيل، قرية وارتشا
© apsnyteka.org
في وقت لاحق سوف يصف هذا الحدث في قصيدة "مكاني".

وفي الطريق إلى تركيا، كانت عائلة غوليا على وشك الموت أكثر من مرة، و في النهاية، ألقي بهم على شاطئ طرابزون. حيث كانوا في حالة يرثى لها: بدون طعام أو ماء، و بدون مأوى. فقام بمساعدتهم الصيادون الأتراك الفقراء بالإضافة للأبخاز الذين وصولوا في وقت سابق، و تقريباً استقروا. ومع غاتشيم الصغير (هكذا كان يلقب دميتري في الأسرة) في هذه الرحلة كانت الأم ربيعة بارغاندجيا، والتي وصفها الشاعر بأنها "امرأة رقيقة ورصينة، تشارك كثيرا في الزراع"، كما كانت أيضا معهم جدة الكاتب المستقبلي – فينديك تسابريا.

"كتب غوليا عنها في سيرته الذاتية، كانت بصحة جيدة، امرأة قوية الإرادة بشكل استثنائي. صوتها كان واضحا وقويا لم أكن أخاف عندما تتواجد. كان عمرها أكثر من مائة عام".
زاوية الآلات الموسيقية الشعبية والمواد المنزلية
© المتحف المنزلي لدميتري غوليا
ولم يشك والد الكاتب المستقبلي في أنه يجب عليهم العودة إلى أبخازيا، و لذلك قاموا بالإبحار في قارب صيد صغير إلى وطنهم. تمكنوا أولا من الوصول إلى باتومي. وهنا، وبسبب أعباء التجوال، توفي شقيق وشقيقة ديمتري الأصغر، لكن لم يكن هناك مجال للعودة، وفي ظل قصف السفن الروسية والتركية، وصل القارب مع أسرة غوليا إلى شواطئ أبخازيا.

ولكن لم يسمحوا لأوريس غوليا بالاستقرار في قريته الأم، فاختار الضفة المقابلة لنهر كودور في قرية أدزيوبجا.

كرس الكاتب أكثر من قصيدة تتحدث الوطن الأم وأولئك الذين أجبروا على تركه. وربما كان من أشهرها — "سيبسادغيل" (الترجمة من الأبخازية هي"وطني"). مقتطف من هذه القصيدة باللغة الروسية:

أيها الوطن العزيز، ما أنت ؟
تنظر مع هذا الحزن
أ أضعت شخص ما
من كنت تحب؟

أو على أولئك الذين غادروا
أعشاشهم، أنت تحزن؟
خلف البحر ذاب أثرهم...
أ أنت تنظر الى هناك...
دميتري غوليا مع الأصدقاء – الأخ والأخت أنوا
© المتحف المنزلي لدميتري غوليا
السنوات الدراسية والتعرف على ماتشافارياني
درس غوليا القواعد الأولية للقراءة والكتابة لعدة سنوات مع قس محلي، ثم أصبح طالب في مدرسة سوخوم الجبلية، التي افتتحت خصيصا للأطفال الأبخاز في العام 1863. و كحقيقة، لم يستطع النجاح على الفور، حيث ضمت المدرسة معظم أطفال الأمراء وممثلي النبلاء المحليين، أما هو فقد كان ابن مزارع بسيط، لكن والد دميتري كان مثابرا و أصطحبه للالتحاق بالمدرسة لثلاث سنوات متتالية.

وعلى الفور لوحظ التلميذ المجتهد دميتري غوليا من قبل المعلم دافيد أدجاموف، ثم قام بملاحظته مدير المدرسة كونستانتين ماتشافارياني، هذان الاثنان بذلا جهدا كبيرا للكتابة من كلمات غوليا الصغير في القصص الشعبية، ومن ثم نشرها في "مواد عن وصف المناطق والقبائل في القوقاز".
كونستانتين ماتشافارياني سيلعب دورا هاما في حياة غوليا الشاب، فقد كان هو أول من أظهر له أبجديتين في اللغة الأبخازية، أحدها وضعها العالم اللغوي العظيم بيتر أوسلار، وأخرى تسمى "أبجدية بارثولوميوس". وقد أشار ماتشافارياني لغوليا الى أنه حان الوقت لدراسة تاريخ بلده الأصلي على الأقل بما يتوفر من المعلومات المتجزأة و التي هي من العصور القديمة، وربما كان ذلك هو الوقت الذي فكر فيه غوليا بكتابة أول كتاب عن تاريخ أبخازيا. هذه الفكرة، كما هو معروف، أصبحت في وقت لاحق على أرض الواقع، وقد ظهرت على العلن في العمل "تاريخ أبخازيا" في عام 1925.
وكما كتب دميتري غوليا في سيرته الذاتية، في العام 1889، التحق بدار المعلمين لما وراء القوقاز في غوري بعمر الخامسة عشر. "هنا درست لأربعة أشهر، ثم أصبت بمرض الحمى التيفية، وطردت، و كما جاء في نص القرار، نظراً "الى المناخ المحلي غير المناسب للمستمع دميتري غوليا"، انتهت حياتي الدراسية، وأصبحت الكتب والحياة أساتذتي".
الأبجدية الأبخازية الأولى
وفي عام 1890، وبمبادرة من ماتشافارياني، الذي لم يكن يعرف اللغة الأبخازية، ولكنه ساعد غوليا بإسداء المشورة المنهجية، بدأ الأخير في العمل على صياغة الأبجدية الأبخازية، ولكن لهذا الغرض كان من الضروري تحسين أبجدية أوسلار وبارثولوميوس، التي كانت مبنية على الأبجدية السيريالية، وقد أنجز هذا العمل خلال عام، ومنذ عام 1892، أتيحت للأطفال الأبخاز فرصة التعلم بلغتهم الأصلية وتعلم الكتابة، التي أنشأها الشاب الأبخازي البالغ من العمر سبعة عشر عاما من قرية أدزيوبجا، ولا يمكن المبالغة في تقدير هذه المساهمة في الثقافة الأبخازية.
أبجدية بيتر أوسلار
© المتحف المنزلي لدميتري غوليا
بعد وفاة والده ووالدته وجدته من الوباء المنتشر في تلك الأيام "الإنفلونزا الإسبانية"، دميتري كان لديه الكثير من الاهتمامات المنزلية لأنه الآن بات يتحمل المسؤولية عن تربية أخيه وأخته الصغيران، وبعد سنوات عديدة كتب عنه ولده، غيورغي غوليا، في عمله "دميتري غوليا: لمحة عن والدي" أنه بدأ في تلك السنوات العمل كمعلم، أما في المساء فكان يدرس بنفسه.
المدرسة التي درَس فيها دميتري غوليا في قرية كينديغ. الأشجار التي زرعها في عام 1900
© apsnyteka.org
القصيدة الأبخازية الأولى، دميتري غوليا، سوخوم، 26 آب 1912
© المتحف المنزلي لدميتري غوليا
ومن المثير للاهتمام أيضا كيف يصف غيورغي غوليا والده في سن الخامسة والعشرين: " مظهره دائما مثالي، لباسه من أفضل القماش الشركسي، الأحذية الآسيوية الناعمة، والرداء من الحرير الأرجواني الساطع، الخنجر الذهبي المنقوش، وبالطبع، مسدس سميث-فيسون".
بدأ نشاط غوليا الأدبي في النصف الثاني من العقد الأول من القرن العشرين. حازت قصائده الأولى في تلك الأوقات، وبشكل خاص "خودجان الكبير" على شعبية كبيرة بين الناس.

وفي عام 1918 كتب غوليا قصة "تحت سماء غريبة". ووفقا لذكرياته، فقد كان أثناء النهار مشغولا بالتدريس في عدة مدارس، و في معظم الأحيان كان يقوم بالكتابة ليلاً، وفي الوقت نفسه يعمل على جمع المواد من أجل العمل المقبل "تاريخ أبخازيا".

وذكر في مجلده الأول عن تاريخ أبخازيا حقائق تدعم النظرية القائلة بأن الأبخاز ينحدرون من المصريين، إلا أنه وفي وقت لاحق شكك في النظرية التي قدمها و اعترف علنا أنه: "لم يعد صر على هذه النظرية، ولكنه متأكد من أن الكتاب يحتوي على الكثير من المواد المفيدة في التاريخ والأثنوجرافيا لأبخازيا " (مكتوبة بعد 23 عاما).
الأول في كل شيء
تطبق كلمة "الأول" مرارا وتكرارا على نشاط دميتري غوليا، ففي العام 1919، نُشرت في أول صحيفة أبخازية بعنوان "أبسني"، وكان محررها. وكان منظم أول نادي درامي "نجمة الصباح" في حلقة المعلمين في سوخوم. وبناء على مبادرته، أسست فرقة المسرح الأبخازي الأولى التي أنشئت في عام 1921، وقامت بأداء أعمالها في القرى الأبخازية. ترجم غوليا بشكل عاجل من الروسية والجورجية عدة مسرحيات غنائية والمسرحية القصيرة "تحيا الحرية!" وكما يتذكر غوليا أيضاً، "تحولت جولة الفرقة في القرى الأبخازية إلى مناسبة رائعة".
دميتري غوليا
© anyha.org
صحيفة "أبسني" في نيسان عام 1919
© المتحف المنزلي لدميتري غوليا
دميتري غوليا كان أول العلماء الذي كتب كتاب تعليمي عن تاريخ أبخازيا، وفي الواقع كان أول مؤرخ أبخازي، على الرغم من أن العديد من نظرياته قبلت على مضد. كتب الأكاديمي نيكولاي مار عنه: "إنها حقيقة لا جدال فيها أنه حتى اليوم لم يكن هناك أحد بمستوى غوليا مهتما بالماضي والحياة الحالية لأبخازيا، ولا يوجد أي عالم، لا في أوروبا و لا في القوقاز... لم يزعج نفسه ليجد الوقت لتجميع العمل، بعمق الاهتمام الصادق الذي قدمه بالفعل دميتري غوليا".
دميتري غوليا و نيكولاي مارر
© المتحف المنزلي لدميتري غوليا
نيكولاي مارر
© المكتبة الوطنية الروسية
وقد ربط كلاً من الأكاديمي نيكولاي مارر و دميتري غوليا العلاقات الودية والاهتمام المشترك بتاريخ أصل الشعب الأبخازي واللغة الأبخازية. وبعد ذلك، انتقل مارر، الذي تشارك في البداية مع غوليا بشأن نظرية الأصل المصري للأبخاز، وابتعد عنها ليبدأ في البحث عن شيء مشترك بين الأبخاز والباسك الإسبان.

ولكن نقطة التصادم الحقيقية بين العالمين كانت مسألة اللغة الأبخازية. كما تعلمون، كان نيكولاي مارر مؤلف الأبجدية الأبخازية استنادا إلى الأبجدية اللاتينية. وقد تبنى الكثيرون هذه الأبجدية؛ وبالمناسبة، بدأت طباعة الكتب في أبخازيا في العشرينات من القرن الماضي، ولكن غوليا لم يستطع تقبل هذه الأبجدية، نظرا لتعقدها الشديد. "لقد كان شخصا حريصا ومثيرا ومتعلما تعليما عميقا وشاملا، — كتب غوليا عن مارر، — الأبجدية التي قدمها، وقبلها العديد من جمهوريات القوقاز، رفضتها رفضا قاطعا. هذا هدأ علاقتنا بشكل كبير، كما طبقت الحكومة الأبخازية أبجدية مارر. غير أن التجربة أظهرت أن مارر كان مخطئا في هذا النزاع — فقد كانت أبجديته موجودة فقط لبضع سنوات واختفت".
ولم يكمل دميتري غوليا بحثه التاريخي بنشر المجلد الأول من تاريخ أبخازيا، على الرغم من أنه لم ينشر مجلدا ثانيا، إلا أن العديد من المواد التاريخية المثيرة للاهتمام خرجت من خلال قلمه. إحدى المقالات كانت بعنون "سوخوم ليست ديوسكوريا" الذي أشار فيها المؤلف إلى أن مدينة ديوسكوريا القديمة لم تكن في موقع سوخوم الحالية، ولكن على شواطئ بحيرة سكورتشا، وفي وقت لاحق، ونتيجة للحفريات الأثرية، أصبح من الواضح أن غوليا كان مخطئ. ومع ذلك، كانت مقالته ذات قيمة كبيرة في العالم العلمي، حيث أنها وضعت مهمة للعلماء لبذل المزيد من الجهد لفهم أين موقع ديوسكوريا الأسطوري. كما كتب دميتري غوليا "تاريخ المدرسة الجبلية". المقالات عن المدرسة نشرت في العديد من أعداد صحيفة "أبسني" لعام 1920.
وكان دميتري غوليا، وهو نفسه كاتب-رائد في أبخازيا، وقد بذل دائما كل الجهد لضمان أن يقف معه في أفق الأدب والثقافة والتعليم المثقفين الأبخاز الشباب. كتب بإعجاب عن أحد الكتاب الأوائل سامسون تشانبا، وعن الشاعر الموهوب إيوا كوغونيا بالإضافة عن أولئك الذين ظهروا لاحقا: " في العصور السوفيتية، تطور الأدب بسرعة، والآن اتحاد كتاب أبخازيا يصل إلى أربعين عضوا، بما في ذلك الشعراء، مثل باغرات شينكوبا، أليكسي لاسوريا، إيفان تاربا، كيرشال تشاتشخاليا، أليكسي و تشيتشيكو دجونوا، كومف لوميا،وغيرهم. حصاد جيد وأنا سعيد أنني لست وحيدا في مجال الأدب" (كُتبت في عام 1958).
أليكسي دجونوا، أليكسي لاسوريا، ديميتري غونيا، موتا أكوبيا، غيورغي غوبليا، باغرات شينكوبا، كومف لوميا، إيفان باباسكير، تشيتشكو دجونوا، نيللي تاربا، عام 1955
© apsnyteka.org
وفي عام 1929، ترأس الأكاديمية الأبخازية للغة والأدب، وساهم غوليا إسهاما كاملا في عمل الملحن كونستانتين كوفاتشا و مساعده كندرات دزيدزاريا في ما يسمى بتسجيل "أغاني الأبخاز الكودور". وكان هذا الحدث بصفة عامة بداية تطور الثقافة الموسيقية في أبخازيا.
كما ساعد غوليا في وضع أول خريطة جغرافية لأبخازيا. وفي المدرسة الجبلية، درس مع أول رسام خرائط لأبخازيا ميخائيل شيرفاشيدزه-تشاتشبا. وفي عام 1912 كان كلاهما في تيفليسي: عمل غوليا هناك في الترجمات الأدبية وأعد كتابا للنشر، أما شيرفاشيدزي-تشاتشبا عمل على إنشاء الخريطة الأولى. وكثيرا ما كان ميخائيل تشاتشبا يستعين بغوليا ويتشاور معه بشأن الأسماء الطبوغرافية وأصولها وجغرافية أبخازيا.
ميخائيل ليفانوفيتش شيرفاشيدزي-تشاتشبا
© apsnyteka.org
المسار الأدبي
العمل الرئيسي لدميتري غوليا، و الذي عرَفه النقاد الأدبيين بأنه نوع من الرواية،-"كاماتشيتش". وقد كتب غوليا هذا العمل لعدة سنوات، ليستكمله أخيرا في عام 1940. و وفقا للخبراء، الرواية تتأثر بشدة بالجماليات الشعبية، والكاتب استخدم في هذا العمل كمية كبيرة من المواد الإثنوغرافية.

كما كتب عن العمل الروائي دكتور العلوم الفيلولوغية فياتشيسلاف بيغوا، رواية "كاماتشيتش" هي إلى حد ما مضادة لذلك الأدب الذي كان تماما اجتماعياً، فهي قد نفت التقاليد، والأخلاقيات الوطنية "أبسوارا"، و الموضوعات التاريخية... تعزيز علم الإثنوغرافيا في العمل بسبب رغبة الكاتب في خلق صورة إثنوغرافية للشعب، لكشف سماته ومعالمه الإثنوغرافية والتاريخية"
"كاماتشيتش"للكاتب: دميتري غوليا
© apsnyteka.org
ومن القصائد في أعمال الشاعر غالبا ما تبرز قصيدة "مكاني"، هي إلى حد كبير كالسيرة الذاتية. "فيها الكثير من الحزن، و الكثير من الدراما الشخصية، — كما كتب ابن الشاعر غيورغي غوليا عن القصيدة، مأساة الشعب الأبخازي عموما. هل من الممكن فصل الدراما عن مصير الشعب؟"

وكان يعمل غوليا في الترجمة: فقد قام بترجمة الإنجيل إلى اللغة الأبخازية، بالإضافة لبعض أعمال بوشكين وليرمونتوف، والعديد من الشعراء الجورجيين، بما في ذلك شوتا روستافيلي.
كتب غوليا في مذكراته: "لقد كرست العقد الأول من القرن بشكل أساسي لترجمة كتب الكنيسة، وبصفتي عضوا في لجنة الترجمة، وضعت جهداً كبيرا لترجمة الإنجيل الى اللغة الأبخازية، محاولاً بقدر المستطاع أن أكون دقيقاً، فقد استعنا في عملنا على نصوص: إغريقية، وسلافية قديمة، وروسية، وجورجية. ويبدو لي أن الترجمة كانت ناجحة من حيث اللغة ودقة النص. وهذا العمل الضخم، بالطبع، لم يلاحظه الشعب الأبخازي، غير المبالي بالمسيحية، ولا بالمحمدية".
عائلة غوليا
المساعدة المخلصة في كل الأمور لـدميتري غوليا كانت زوجته إيلينا بجيلافا. وأشار غوليا قائلاً: " لم أكن لأكتب واحد بالمئة لو لم تكن إيلينا امرأة مستعدة للتضحية بالنفس عندما يتعلق الأمر بالأدب، والفن".

في عائلة غوليا تربى ثلاثة أطفال-الأبناء فلاديمير وغيورغي، والابنة تاتيانا. وعن "قصصه عن الطفولة " غيورغي غوليا يصف بشكل شاعري العلاقة داخل الأسرة. في سوخوم عاشوا في المنزل حيث المتحف المنزلي لغوليا هو الآن، والذي بناه دميتري غوليا في عام 1912 على أرض قدمت له من قبل والدة زوجته فوتينيا نيكولايفنا
الجميع في المدينة احترم و قدر غوليا، وكان يلقب ب "معلم الشعب". الجيران من جميع الجنسيات- حيث سوخوم كانت مدينة متعددة الجنسيات-اعتبروا أنه لشرف العيش بجانب دميتري غوليا، وعاملوه باحترام كبير.
دميتري غوليا مع أبناء شعبه
© ritmeurasia.org
ووفقا لغيورغي غوليا، كان والده تقريبا طوال الوقت مشغول بالتدريس وشؤونه التعليمية، وكان يركز في كثير من الأحيان على فحص دفاتر الطلاب، ثم على مسائل هامة أخرى. زوجته ايلينا– إمرأة ذات طابع رقيق: قادرة تماما على تأسيس حياة وتشارك في الأعمال المنزلية و حاولت التأكد من أن يكون دميتري ضمن عائلة هادئة.
دميتري غوليا مع العائلة
© abkhazworld.com
الأطفال كانوا ودودين مع بعضهم البعض على الرغم من أن والدهم كان لديه القليل من الوقت للتعامل معهم، ويتذكر غيورغي غوليا في بعض قصصه، أن دميتري غوليا كان يقرأ لهم "روسلان و ليودميلا" والقصائد للشعراء المفضلين.
الضربة الرئيسية للعائلة كانت وفاة فالوديا غوليا. "الإختبار العظيم لبلادنا كان الحرب الوطنية،كما كتب دميتري غوليا. - فقدت ابني، فلاديمير، المهندس الذي أثارت قدراته الكثير من الآمال في أصدقائه. لم أستطع القتال بمسدس في يدي، لكني قدمت عملي الصغير في عمود أدبي".
غيورغي غوليا، تاتيانا غوليا، دميتري غوليا، فالوديا غوليا وإلينا غوليا، عام 1931
© apsnyteka.org
غيورغي غوليا، دميتري غوليا و إلينا غوليا
© المتحف المنزلي لدميتري غوليا
В 1946 году известный английский писатель Джон Бойтон Пристли во время своего визита в Абхазию встретился в семьей Гулиа: с Дмитрием Гулиа и его супругой Еленой, их детьми Татьяной и Георгием, невесткой Валентиной и внуком Димой.
توفي بطريرك الأدب الأبخازي دميتري غوليا في سن السادسة والثمانين في عام 1960. عن نفسه كتب فقط سيرة ذاتية متواضعة،و أورث الأحفاد مهمة إيجاد الأجوبة عن جميع الأسئلة المتعلقة بشعره ونثره.
الشخص الذي فعل الكثير من أجل الأدب والثقافة والتعليم في أبخازيا، بحلول نهاية حياته قام بتقييم عمله على النحو التالي: "بدون أي تظاهر أستطيع أن أقول: أنا راض عن عملي، لأن كل عمل قدمته كان بإخلاص. ولكن كان بإمكاني أن أقدم أكثر من ذلك، لو فهمت تماما ما هو الأكثر أهمية و الذي لا يمكن تأجيله. أنا كنت أبذل كل طاقتي، حيناً للشعر، و حيناً للعلم. ربما كان سيكون من الأفضل لو كرست نفسي كليا للأدب؟ كان هذا ممكناً. عندما يبدأ الإنسان شيئا ويكون الأول فيه، فإنه حتما يصرف المزيد من الطاقة، ونشاطاته لا بد أن تكتسب شخصية متعددة المواهب. هذا شيئ جيد وسيئ".
لوحة تذكارية على جدار المتحف المنزلي لدميتري غوليا
© نالا أفيدزبا

مؤلف النص- أريفا كاببا، مساعد محرر- نالا أفيدزبا، المحرر- أمينا لازبا
المراجع المستخدمة في العمل عن دميتري غوليا: السيرة الذاتية دميتري غوليا غيورغي غوليا "دميتري غوليا: لمحة عن والدي" بيغوا "الرواية الأبخازية التاريخية. التاريخ. الطيبولوغيا. بايتيكا"