تاتولستان تابولوف - رائد في الأدب الأبازيني، وهو أول جامع للفلكلور الوطني، ومؤلف أولى الكتب التمهيدية لتعلم اللغة، وكتب مدرسية لتعليم اللغتين الشركسية والأبازينية، وهو أول كاتب متخصص في الادب الأبازيني. لقد كان رجلاً ذو جاذبية روحية عظيمة، وناضل بشغف من أجل تنوير شعبه، وادخل عليهم قواعد الكتابة والأدب والثقافة الغنية.

بيتر تشكالا

ولد تاتلوستان تابولوف في عام 1879 في قرية بيبيردوفسكي (اسمها الآن قرية البورغان - المحرر)، التابعة لناحية الأباظة في جمهورية قراشاي- تشركيسيا، وكانت عائلته من وجهاء المنطقة، فوالده زكريا تابولوفتزوج مرتين وله خمسة اطفال من كلا الزواجين. ثلاثة أبناء وابنتين. وقد كان تاتلوستان الطفل الثاني من زواجه الأول.

كان والده فلاحا ثريا، إلا أنه كان أميا. وبحسب شهادات سكان القرية، فانه الى جانب الزراعة، كان يعمل في مجال النقل وكان لديه بريده الخاص - عربات البريد والخيول.

بدات دراسة تاتلوستان في مدرسة عمر ميكيروف في قرية بيبيردوفسكي، و في عام 1905 انهى الدورة الأولى من الندوات في مدرسة اردون. ففي ارشيف ملفات التحقيق المحفوظة عن تابولوف، هناك ملحوظة تؤكد أنه درس في السنوات 1910-1914، دون تحديد مكان الدراسة. ويعتقد انها كانت في المدرسة. 

حصل تابولوف في العام 1914على وظيفة معلم في المدرسة الابتدائية في قرية بيبيردوفسكي. اضافة الى التدريس، كان تابولوف يعمل كمرشد  ديني (الملا - المحرر). وفي العام التالي، اثناء انعقاد مؤتمر باتالباشيفسك للمعلمين فرع تيبيردا، قدم اقتراحا لتعليم القراءة والكتابة للفتيان والفتيات، ليس باللغة العربية فقط، بل وبالروسية ايضا. وهذا كان سببا في ابعاده عن مجال التدريس.

وقد تأخر تابولوف كثيرا في تكوين اسرته، اذ تزوج من ابنة قريته بارزيكخان كنجيكولوف، ورزق بابنه البكر عام 1918، وبالمحصلة كان له من الاولاد 11 طفلاً، مات أربعة منهم في طفولتهم. 

نشاط الاعمال في العشرينات و الثلاثينات

ابان الحكم السوفياتي، تم تعيين تاتلوستان تابولوف من جديد معلما في مدرسة البورغان الثانوية. في هذه السنوات، بدأ نشاطه التنويري. في عام 1924م، طوَّر تابولوف أبجدية اللغة الشركسية وحولها الى اللغة العربية، وحتى العام 1932م، نشر بهذه اللغة 13 كتابًا، وكتب اخرى بعد الالف باء البوكفار، وكتب للقراءة، وأدلة منهجية، ونشر ايضا في عام 1929م مجموعة من القصائد والدرامات والأعمال الدرامية تحت عنوان "زولي".

في العام 1930، انتقل تاتلوستان زكرييفيتش إلى مدينة باتالباشينسك، حيث في البداية عمل مدرسا في الكلية التربوية، ثم ومنذ أبريل 1932م - اي في الايام الاولى من تأسيس الكلية التربوية - عمل كموظف مساعد في الدراسات العلمية، ثم تراس قسم اللغة والادب الأبازيني في معهد الأبحاث العلمية في مدينة تشركيسك.

في مارس 1933م، انهى تابولوف رحلته الاستطلاعية في جمع الفولكلورالقومي. وبعد ذلك بقليل تم ارساله بمهمة الى البرفسورأناتولي غينكا في لينينغراد، الذي ساعده في وضع قواعد اللغة الابازينية. مما دعته الظروف للعمل حتى مع سيرجي اوچيغوف، مؤلف القاموس التوضيحي في الغة الروسية. في خريف العام نفسه أصبح تاتلوستان طالب في الدراسات العليا دون ان ينقطع عن العمل في كلية الدراسات العليا في معهد البحوث الشركسية، ولكن في العام الذي تلاه تم اغلاق قسم الدراسات العليا بسبب الانخفاض الحاد في المخصصات. ولنفس السبب، تم إلغاء قسم اللغة الأبازينية، وسرح رئيس القسم فيها. وبالنتيجة، قرر تاتلوستان العودة للعمل في معهد البحوث الشركسية، اذ قام بنشراول اطروحة علمية له في عام 1945م

وحتى قبل هذه الأحداث - ففي 25 نوفمبر 1932م، عقد مؤتمرا للمعلمين الابازين وبمبادرة من الكوادر الابازينية العاملة في باتابلاشينسك. اذ أعلنت اللجنة المركزية العمومية حينها ظهور الابجدية الابازينية الجديدة وإدخالها مجال التعليم في جمهورية تشركيسيا ذات الحكم الذاتي. ووافق المؤتمرعلى اعتماد كتب تاتلوستان تابولوف في الابجدية الابازينية و كذلك كتاب الالف باء كمرجع اساسي للتدريس على اساس الرسم اللاتيني. 
قبل 8 سنوات من الحرب، كانت تستخدم الكتب المدرسية الروسية لكفاءتها، وقام تابولوف بشكل مستقل وبالتعاون مع كوادر اخرى بنشر 19 كتابا الف- باء للمبتدئين، وكتب مدرسية في قواعد اللغة الابازينية، و كتب القراءة و الصرف، لتدريسها بعد التمهيدي. وتشمل البرامج التعليمية على حد سواء الفلكلور، والترجمة، واصول التكيف، وكذلك أعمال المؤلف نفسه. في عام 1934م تم قبول تاتلوستان زكرييفيتش في اتحاد الكتاب السوفييت: بطاقة عضويتة التي وقعها مكسيم غوركي (. الكاتب السوفياتي الشهير - المحرر) و منحت له بتاريخ 19 ديسمبر كانون الاول.

 الاعتقال

توقفت الأنشطة التعليمية والأدبية لدى الكاتب تابولوف بشكل مفاجئ: ففي 19 سبتمبر 1937م، اعتقل من قبل ضباط مكتب المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية لمنطقة تشركيسك ذات الحكم الذاتي. وخلال البحث، تم ضبط ملفين من المخطوطات، وجواز سفر، وبطاقة نقابة العمال، وبطاقة عضوية لاتحاد الكتاب في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية. كان عمر المدان 57-58 سنة، وكانت الابنة الصغرى عمرها انذاك 3 سنوات فقط. ووفقًا لمذكرات نوريا تابولوفا، الابنة الكبرى، أخذ الأب معه معطفًا شتويًا سميكًا وكان يرتديه أثناء الاستجواب تحسبا، بغض النظرعن طقوس اوفصول السنة. اتهم تاتلوستان زاكيربيفيتش بمشاركته في منظمة بورجوازية قومية أسطورية مناهضة للسوفييت، زُعم أنها تعمل في منطقة تشركيسك ذات الحكم الذاتي. أمضى عامين في سجن المنطقة، بعد أن مرّ بجميع فظائع التعذيب والإذلال. لكن بعد فضح فظائع نيكولاي إيچوڤ، مفوض الشعب للشؤون الداخلية في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، أطلق سراحه في 13 سبتمبر 1939م، لعدم وجود ادلة تثبت ادانته.

بعد الافراج عنه من السجن

بعد إطلاق سراح تابولوف، دعوه للعمل في إعداد المناهج التعليمية. وبالفعل، ففي السنة التالية اعد مختاراته الأدبية للصف الرابع الدراسي، وادمج فيها قصيدته الطويلة «العجوز الحكيم»، والتي تعتبر أولى القصائد الأبازينية. في ربيع عام 1941م، نشرت جريدة «تشركيسيا الحمراء» ثلاثة قصائد أخرى تم تاليفها على وقع النارتيين. تعتبر الحرب الوطنية الكبرىبالنسبة لتابولوف بمثابة كارثة شخصية كبيرة مرض من جرائها لفترة طويلة.

أثناء احتلال الألمان للمنطقة، تمت دعوته للعودة إلى الأنشطة الدينية، التي رد عليها بمثل ابازيني قديم : «اعادة الرماد ثانية لن يدفؤك ان كنت قد اخرجته يوما، فهو بارد»، عندما انتهت الحرب واستؤنفت من جديد اصدار الجريدة الوطنية، في الصباح زارتابولوف مكتب التحرير، وعانق الموظفين فرحا وكان الذي حدث هو بمثابة عيد له.

مع أول ظهورللجريدة بعد الحرب، ذهب إلى المدرسة التربوية، ثم إلى المدرسة الإقليمية (التعليم الإقليمي- مذكرة المحرر)، ثم إلى المطبعة، تصافح معهم بحرارة وقاسمهم فرحته.  على الرغم من تقدمه في السن، واصل تاتلوستان زاكيرييفيتش العمل بنشاط. في سنوات ما بعد الحرب، نشر بحثين، وأعد مخطوطتين، وقد ترجم ونشر قصة نيكولاي تشايكوفسكي «بيت صغير على النهر»، وشارك في إعداد وإطلاق 12 برنامجا، وكذلك مجموعات كتبه في الارشاد و التوجي و كتب اللغة الأبازينية والمختارات من الأدب و التراث، بما في ذلك هناك عمله في أسس الفولكلور. في عام 1947م -قام بنشر أولى مجموعة من القصص الخيالية الأبازينية، وعام 1955م - قام بنشر المجموعة الثانية بالتعاون مع كونستانتين شقريل (المستشرق في القوقاز، أستاذ وخبير في لغات شمال غرب القوقاز - المحرر).. هذه كانت مساهمته الأخيرة في ثقافة الأبازين. اذ نالته المنية في العام التالي.

وصف البروفيسور فلاديمير توغوف، الذي وصف شخصية تابولوف بالاتي : تابولوف كان انسانا اكتملت فيه روح الكمال والوضوح، تراكمت فيه الطاقة الإبداعية الشعبية، فيه القوى الروحية و قدرته على الإيحاء الفني... كان رجلا متعدد المواهب: واضع الحروف الهجائية القومية الاولى لشعوب الشركس والاباظة، يعتبر مكتبة غنية من الكتب والكتيبات والقواميس والاعمال العلمية، جمع و نشر الأعمال الأولى في الثقافة والفلكلور...» 
المستشرق الابازيني توغوف، اعتبر ان حياة تاتلوستان كانت مليئة بالانجازات و الابداعات، قدمهم جميعا خدمة للوطن.