استاندا آردزينبا
حضر الحفل آلاف الناس للإشادة بأولئك الذين سقطوا ضحية للحرب القفقاسية والترحيل القسري . جرت أحداث الحداد في كل من سوخوم و غاغرا وغوداأوتا , وكذلك في تركيا في مدينة كيفكين على شاطئ البحر الأسود , وأقيم جسر فيديو مباشر بين تركيا وأبخازيا . وعادةً تقام المناسبات التذكارية في هذا اليوم في العاصمة الأبخازية مساءً قرابة البحر عند جسر المهاجرين , وعلى الرغم من الجو الممطر فقد إجتمع هنا مئات الناس مع بداية الغسق , وقد إنضم إلى مسيرة الحداد قادة الجمهورية التي يرأسها الرئيس راؤول خاجيمبا ورئيس المجلس الأعلى للمؤتمر الأبخازي-الأباظي العالمي موسى إكزيكوف . سار الحشد مع الأعلام والمشاعل من ساحة سيرغي باغابش حتى النصب التذكاري للمهاجرين ووقفوا دقيقة صمت على أرواح الشهداء ثم وضعوا الزهور على النصب التذكاري ووضعوا أكاليل الزهور في البحر , وفي نهاية الإحتفال تم إشعال مشعل الذكرى على شاطئ البحر .
إن أحفاد أولئك الذين غادروا أبخازيا كانوا على يقين من أن هذا النصب يعتبر مكان رمزي لأولئك الذين عادوا والذين لازالوا يعيشون بعيداً عن وطنهم التاريخي. و يد الفارس المشدودة في قبضة ومرفوعة إلى السماء وهو يسقط من فرسه هي رمز النهضة المستقبلية للقومية . وقد تحدث المشاركون في إجتماع الحداد , قرب النصب التذكاري ,عن المأساة التي ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من الأبرياء وضرورة تذكر دروس التاريخ وإستخلاص النتائج منها. وأشار مستشار الرئيس فلاديمير زانتاريا إلى أن التهجير القسري أصبح تاريخاً أسوداً في تاريخ القفقاس , وشدد على أنه ينبغي على أبخازيا تعزيز العمل لإعادة أحفاد الأبخاز والأباظة المنفيين من وطنهم التاريخي. دعا أتانور أكسوي , رئيس إتحاد مراكز الثقافة الأبخازية في تركيا , المشاركين عبر الفيديو إلى تكريم تاريخهم وذكرى أسلافهم . وشدد وزير إعادة التوطين بيسلان دبار بدوره على أن عملية الإعادة إلى الوطن ليست عملية لمرة واحدة بل أنها عملية جارية بإستمرار. وأضاف الوزير : يجب أن نفهم أمراً واحداً : إذا نسينا الماضي فلن يكون لدينا مستقبل , وأدعو الله أن يحظى مواطنينا على الجهة الأخرى لشواطئ البحر الأسود بكل فرصة للعودة إلى وطنهم التاريخي. ومن بين المشاركين في موكب الحداد كان هناك الكثير من أحفاد المهاجرين الذين قد عادوا للعيش الدائم في أبخازيا.
أنيل خراتشبا قبل شهر واحد فقط عاد إلى أبخازيا من مدينة ديوزجا التركية , هذا الشاب يتكلم الأبخازية وبشكل جيد ويذكر بفخر أن أسرته , التي تنتمي إلى قبيلة أختشيبسو , عاشت في الروافد العليا لنهر مزيمتا على حدود أبخازيا وإقليم كراسنودار الحديث . " لقد صمدوا أجدادنا أمام العديد من الإختبارات وعانوا من الحرمان الفظيع , اليوم لم أتردد في المجيء إلى هنا , كباقي أصدقائي العائدين .
"بصراحة , بالكاد أمسكت دموعي" سيخبرنا في وقت لاحق مارآه موسى إكزيكوف .
إعترف رئيس المجلس الأعلى للمؤتمر الأبخازي-الأباظي العالمي بأنه كان مندهشاً من رد فعل الجميع كباراً وصغاراً , وخاصةً الأطفال , عن رهبة علاقتهم بهذا اليوم
"أنا واثق من أننا سنتعلم من دروس التاريخ وسوف نعمل مابوسعنا حتى لايتكرر أي شيء من هذا القبيل على الإطلاق , علاوةً على ذلك , سنفعل كل الأشياء لتصحيح أخطـاء التـاريخ ". ســوف نتحد معاً ونمهد الطريق إلى البيت . وهذا يتطلب الكثـير مـن العمل الجاد , وأعتقد أننا على إستعداد لفعل ذلك هذاماقاله إكزيكوف .
لم يحدد يــوم الحـداد بتـاريخ 21 مايـو بشـكل عشـوائي . في هـذا اليوم من عـام 1864 تم تنظيم عرض عسكري في منطقة كباآد (كراسنايا بوليانا الحالية في روسيا) تكريماً للإنتصار على شعوب الجبال في حرب القفقاس التي دامت نصف قـرن . الهزيـمة حكمت مسبقاً على مصير مئات اللآلاف من النـاس , لقد كـانوا مجبرين على مغادرة وطنهم التاريخي والإنتقال إلى الإمبراطورية العثمانية ومنها إلى جميع أنحاء العالم .