"أبازاشتا"- هي الصحيفة الوحيدة في العالم التي تنشر بلغة الأبازين، وقد صدر العدد الأول لها في يوليو العام 1938، ومنذ ذلك الحين، اي منذ 80 عامًا، تكتب صحيفة "أبازاشتا" عن حياة شعب الأباظة في روسيا والعالم، وعن تطلعاتهم وأتراحهم وأفراحهم.

أستا آردزينبا

يدخل شعب الأباظة في لائحة الشعوب قليلة التعداد في روسيا، ( ويعيش حوالي 35 ألف شخص) بشكل أساسي على أراضي جمهورية قاراشاي- تشيركيسيا على أراضيهم التاريخية، وفي ظل العولمة، وجد أبناء شعب الاباظة أنفسهم مضطرين للنضال من أجل الحفاظ على لغتهم وثقافتهم الأم وتطويرها. لذلك، فإن الصحيفة الاجتماعية والسياسية في الجمهورية "أبازاشتا" لم تكن مجرد وسيلة اعلامية فحسب. بل و صيحة، ومنبر ومرجع مدون للوقائع لدى شعب الأباظة في شمال القوقاز.

أكثر من مجرد صحيفة

يقع مكتب تحرير الصحيفة في مبنى دار الطباعة والنشر في مدينة تشيركيسك. ويقع بالقرب من مكاتب تحرير الصحف الوطنية لقراشاي- تشركيسيا: منهم صحيفة القراشاي "قراشاي" والصحيفة الشركسية "شركس خاكو" وصحيفة النوغاي "نوغاي دافيسي" وغيرها. مؤسسو صحيفة "ابازاشتا" هم برلمان وحكومة قراشاي – شركيسيا.

احتفلت صحيفة أبازاشتا في العام 2018 بعيدها الثمانين. إذ تم إصدار العدد الأول من الصحيفة بلغة الأباظة - و أطلق عليها آنذاك "شركس قابش" (تشيركيسيا الحمراء) - وصدرت في 23 يوليو 1938، بعد ست سنوات فقط من اعتماد و تعديل اول أبجدية لشعب الاباظة. ومنذ ذلك الحين، ولمدة ثمانية عقود على التوالي، خدمت الصحيفة شعب الأباظة.

وأوضحت الصحفية آسيا دجيرديسوفا، أن إنشاء صحيفة بلغة الاباظة الأم كان يومها إنجازًا كبيرًا لشعب الأباظة الصغير. ولا يزال كبار السن يتذكرون تلك الايام ويتحدثون بشكل مثير عنها.

واشارت الصحفية انه في الآونة الأخيرة، اعترف لها احد المتحدثين البالغ من العمر 90 عامًا، بأنه يرى ان صحيفة أبازاشتا بمثابة الوصي على لغة الاباظة وعاداتهم. اذ تساعد الصحيفة الناس على الشعور بأنهم جزء من عائلة الاباظة الكبيرة، لأن قراؤنا كانوا ينتظرون بشغف صدورها. وأشار المتحدث إلى أن الصحيفة لم يرموها بعد قراءتها، بل كانوا يحتفظون بها ويعتبرونها كسجلات مدونة لشعبهم".

صحيفة "أبازاشتا" لا تباع في الأكشاك. مثلها مثل العديد من المطبوعات الأخرى في الجمهورية، اذ يتم توزيعها عن طريق البريد. اصدارالصحيفة مرتين في الأسبوع. كل اصدار- يصل إلى 2500 نسخة.

وتقول آسيا دجيرديسوفا - "في اليوم الذي كان من المفترض فيه وصول الصحيفة، كانت أمي، البالغة من العمر 88 عامًا، تجبرني على الخروج عدة مرات والتحقق من وصول الصحيفة الى صندوق البريد. وبمجرد ان تستلم الصحيفة وتمسكها بيديها،تراها تهدأ مباشرة. وان لم تقرأ كل شيء في الصحيفة، فانه كان من المستحيل اشغالها بامور اخرى. وعلى ضوء ذلك، فإنني كنت قد اكتتبت على صحيفتين لأبي وأمي كي لا يتشاجروا من سيكون أول من يقرأ.

كيف تجذب جيل الشباب؟

قراء صحيفة "أبازاشتا" لم يكونوا فقط من المسنين. فالمحررون فيها يحاولون جذب جمهور الشباب ايضا. ووفقًا لرئيسة التحرير، فردوس كولوفا، فإن المسابقات التي تنظمها ادارة التحرير تساهم في هذا من نواح كثيرة.

واضافت كولوفا: "من بين هذه المسابقات مثلا مسابقة "الصحفي الشاب"، و"ملكة جمال"ابازاشتا"، و "الطفولة السعيدة "، و" أمي - اعز الناس "، و " الأسرة المتماسكة "- كل هذه المسابقات تصبح كل عام بمثابة مهرجان شعبي. اذ يتم تحديد الفائزين من قبل شخصيات ثقافية معروفة من جمهورية قرشاي - تشيركيسيا، وتقام نهائيات المسابقات على خشبة مسرح الدولة للأوركسترا بحضور صحفيين من مختلف وسائل الإعلام في الجمهورية.

"المسابقات تساعد في الحفاظ على اهتمام القراء والحفاظ على تداول الصحيفة".

بهذا الشكل تدون قصص الناس

ومع ذلك، فإن الشيء الرئيسي الذي تقدره أبازاشتا وتحبه هو نشر تاريخ قاراشاي- تشركيسيا وبالاخص عن تاريخ شعب الأباظة. فخلال ثمانية عقود، نشرت الصحيفة مقالات عن شخصيات بارزة من ابناء الشعب، وكتبت عن المشاريع الفريدة للمنظمات الشعبية، بالاضافة الى مواد عن ثقافة ولغة الأباظة. يفخر المحررون بشكل خاص بمنشوراتهم المميزة الخاصة، مثل أطباء العلوم، والرياضيون المشهورون، والشخصيات الثقافية البارزة، ووصفات لاكلات الأباظة، وغيرها.

يهتم الصحفيون بشكل خاص بالأخبار الواردة من بلد الاخوة والجوارأبخازيا. ويتحدثون عن المرحلة الصعبة للشعب الأبخازي، خلال الحرب الوطنية لشعب أبخازيا 1992-1993، اذ كانت"أبازاشتا" تنقل لمواطني شمال القوقاز حقيقة الأحداث في أبخازيا. المراسل الخاص للصحيفة، كان الشاعر الشهير أباظة كريم متسخه، الذي عمل في منطقة الصراع وكان يرسل المواد إلى تشيركيسك.

في مراحل مختلفة، عمل هيئة التحرير في" ابازاشتا "على تقديم النجوم من شخصيات الاباظة في مجال الصحافة والأدب : كالشاعر كاليمورزا دجيغوتانوف، والكاتب الشعبي لجمهورية قرشاي - تشيركيسيا بيمورزا تخايتسوخوف، الشاعر الوطني لـجمهورية قرشاي تشركيسيا ميكائيل تشيكاتويف، والشاعر المعروف كريم مختسه. هذه الشخصيات يفخر شعب الأباظة بهم، لا بل و سكان جمهورية قاراتشاي- تشيركيسا بأكملها وروسيا أيضاً.

لا تزال التقاليد الكامنة وراء عمل هذه الصحيفة الناطقة بلغة الأباظة والوحيدة في العالم حية حتى يومنا هذا. و اليوم، فان هيئة التحرير يعمل فيها 14 شخصا. و يومًا بعد يوم، يقومون باجراء المقابلات ويكتبون المقالات،ويعدلون ويصححون ويعملون كل ما في وسعهم حتى يتمكن القراء،الذين بشغف ينتظرون صدوركل عدد كما هو الحال كان قبل 80 عامًا، ويسعون ان تصلهم الصحيفة ليتمكنوا من التعامل معها وقراءتها.

منذ مدة، اصبحت صحيفة " أبزاشتا" متاحة للقراء بشكلها الإلكتروني على الانترنت. هذا التطور يسهم في توحيد الأباظة في جمهورية قرشاي تشيركيسيا وإقليم ستافروبول، وكذلك ايضا على وحدة الأباظة في الشتات الذين يعيشون في العالم.