عُقد المؤتمر الأول لهيئة اتحاد شعوب جبال القوقاز في سوخوم في الفترة من 25 إلى 26 آب/ أغسطس من العام 1989.
آستا آردزينبا
كل من يعرف تاريخ الحرب الوطنية لشعب أبخازيا، سمع عن جمعية شعوب جبال القوقاز، التي أعيد تسميتها بعد تأسيسها بوقعت قصير بإتحاد شعوب القوقاز. ولم يكن ذلك على مضض: فقد أسهمت المنظمة إسهاماً كبيراً في انتصار الجيش الأبخازي على المحتلين الجورجيين. وأصبحت بصفة خاصة مركز تشكيل حركة المتطوعين في أبخازيا.
نموذج الجمهورية الجبلية
أنشئت هيئة شعوب جبال القوقاز قبل ثلاث سنوات من اندلاع الحرب الوطنية لشعب أبخازيا، في الـ 25 من آب/أغسطس من العام 1989. وفي هذا اليوم، عقد المؤتمر الأول للجمعية في قاعة المؤتمرات التابعة لمجلس وزراء أبخازيا في العاصمة سوخوم. وشارك في هذا الحدث أكثر من 500 مندوب من أبخازيا وجمهوريات شمال القوقاز.
وكما كتب عن هذه الأحداث رئيس تحرير صحيفة "ريسبوبليكا أبخازيا" يوري كوراسكوا: "في ذلك اليوم، إختار الجورجيون من سكان العاصمة الجلوس في منازلهم، أما القيادة العليا لأبخازيا، والتي تألَّفت من أشخاص من الجنسية الجورجية، سافروا على وجه السرعة الى تبليسي "للمشاورة".
ويرى كوراسكوا، أن السلطات الجورجية في أبخازيا شعرت بقوة اتحاد القوقاز، الذي يمكن أن يقف بوجه خططهم النازية السرية. خلال هذه الفترة، عزمت جورجيا الانسحاب من الاتحاد السوفياتي مُبقية على أبخازيا السوفياتية و أوسيتيا الجنوبية ذات الحكم الذاتي ضمن تشكيلها، بغض النظر عن موقف شعبي أبخازيا و أوسيتيا الجنوبية.
كانت العلاقات بين سوخوم وتبليسي في ذلك الوقت ساخنة بشكل خاص، بل وأسفرت عن نشوب مواجهات مفتوحة بين الطرفين. كان ذلك في تموز عام 1989. ثم بعد الاشتباكات العرقية في العاصمة الأبخازية، وقد حاول رتل جورجي مؤلف من 30 ألف جندي إقتحام العاصمة سوخوم، ولكن تم صدّهُ في أوتشامتشيرا على جسر فوق نهر ألادزغا.
هذه الأحداث التي سبقت تشكيل هيئة شعوب جبال القوقاز أصبحت السبب في تأسيسها. ثم شعرت أبخازيا باقتراب المشكلة، وبالتالي حاولت أن تظهر لجورجيا أنها ليست لوحدها، وأن شعوب القوقاز تدعم الشعب الأبخازي للتصدي للعدوان من تبليسي.
وكان يرأس الاتحاد، السياسي والشخصية العامة موسى شانيبوف. الذي سيؤكد لاحقاً أن إنشاء اتحاد شعوب جبال القوقاز كان ضرورياً للدفاع عن المصالح الوطنية لأبخازيا، التي انتهكتها السلطات الجورجية.
وأصبح اسم إتحاد القوقاز بهيكله و روحه حافزاً للجمهورية الجبلية، التي أُعلِنت في عام 1918، والتي شملت في ذلك الوقت جمهوريات شمال القوقاز و أبخازيا. وفي تشرين الأول عام 1990، أعلَنت الهيئة نفسها خلفاً للجمهوريات الجبلية.
هذا وتم إعادة تسمية هيئة إتحاد شعوب جبال القوقاز في المؤتمر الثالث للهيئة الذي عقد في سوخوم في تشرين الثاني من العام 1991. وضمت ممثلي 12 شعباً عن (الأبخازي، الأبازين، الأوّار، الأديغة (الشركس)، الشيشان، البلقر، الدارغين، القراشاي، القمق، الليزغين، اللاك، والأوسيتيين) اللذين وقعوا حينها على وثيقة الإتفاق على إعلان اتحاد شعوب جبال القوقاز. وقرروا أيضاً تشكيل برلمان القوقاز، ومحكمة غير حكومية، ولجنة دفاع، وقرروا أن تكون سوخوم عاصمة أبخازيا، مقرا للإتحاد.
وقد عرَّف اتحاد شعوب جبال القوقاز عن نفسه على أنه "تشكيل لدولة وطنية ذات سيادة". وكانت قرارات برلمان المنظمة ذات طابع استشاري للقيادة الرسمية للجمهوريات التي يتألف منها الاتحاد.
وفي تشرين الأول/أكتوبر من العام 1992، عندما بدأت الأعمال العسكرية تحدث بالفعل في أبخازيا، حُذفت كلمة "جبال"من اسم المنظمة. وتحول الإتحاد إلى اتحاد شعوب القوقاز، حيث قد ضمَّ الإتحاد قزق جنوب روسيا، الذين دافعوا أيضاً عن مصالح الشعب الأبخازي.
نحن –حلفاء!
في البداية، لم تعلًّق تبليسي أي أهمية جدية على إتحاد القوقاز، معلنة أنهم "نمر من ورق".
وفي أبخازيا، كان عكس ذلك، فقد كان يُنظر إلى الاتحاد بأمل كبير. كما يتذكر الصحفي فاليري شاريّا، فالأبخاز فهموا أنهم يجب أن يكونوا على استعداد لمواجهة التجارب الجديَّة، وبالتالي الدعم من جمهوريات القوقازية كان ضرورياً.
من الأيام الأولى من وجودها، الجمعية نظمت مجموعة متنوعة من الفعاليات الثقافية، سواء كان حفل تأبين في سوخوم، بمناسبة يوم ذكرى ضحايا الحرب القوقازية، أو أيام الثقافة الأبخازية-الأديغي، والذي أقيم في سوخوم قبل الحرب في شهر تموز. وفي الوقت نفسه، كما يروي شاريّا، أن المنظمة في ذلك الوقت "قد أُنشِئت بناءاً على مجموعة متنوعة من التطورات".
ويشير الصحفي، الى أن المؤتمرين الأولين للهيئة قد عقدا في العاصمة الأبخازية دون اجتذاب عدد كبير من الناس. وأما المؤتمر الثالث في 1-2 تشرين الثاني عام 1991،والذي عقد في مسرح الدراما الأبخازي قد جذب عدداً كبيراً جداً من المشاركين.
الأحداث التي حدثت بعد ذلك بفترة قصيرة، قد أظهرت قوة الإتحاد، الذي ساهم إسهاماً كبيراً في انتصار الجيش الأبخازي في الحرب الوطنية للشعب الأبخازي.
فمنذ الأيام الأولى للحرب في أبخازيا، بدأ إتحاد شعوب جبال القوقاز بجمع المتطوعين من جميع جمهوريات شمال القوقاز وإرسالهم لحماية شعب أبخازيا الذي يكافح من أجل الحرية والاستقلال.
وبالفعل في اليوم الثاني من الحرب في أبخازيا في 15 من شهر آب، وصلت المجموعة الأولى من المتطوعين بقيادة سلطان سوسنالييف، الخبير العسكري، الذي ترأس لجنة الدفاع التابعة لاتحاد شعوب جبال القوقاز، الى غوداوتا، التي بقيت تحت سيطرة السلطات الأبخازية.
وفي 18 آب في جلسة طارئة للبرلمان في عاصمة الشيشان غروزني، تقرر تقديم المساعدة لأبخازيا. وبدأت المنظمة في جمع مجموعات جديدة من المتطوعين. وبهدف مساعدة الشعب الأبخازي، بدأ وصول المتطوعين من جمهوريات شمال القوقاز وجنوب روسيا و من الجالية الأبخازية في الخارج، بما في ذلك من تركيا والأردن وسوريا وكندا وبلدان أخرى.
وأعلن الاتحاد أنه في حالة حرب مع جورجيا. ويشير المؤرخون الأبخاز أن هذه الحقيقة كان لها تأثير كبيراً على تشكيل المقاومة الأبخازية بصفة خاصة. وكان لذلك أثر واقعي على القيادة الجورجية، التي قامت حتى بإرسال شكوى إلى الأمم المتحدة بشأن هذه المسألة.
وفي تشرين الأول/أكتوبر من العام 1992، حضر رئيس المنظمة موسى شانيبوف إلى أبخازيا. وأنشأ في غودوتا، المقر التنفيذي للاتحاد. وأصبح المقر قوة تنظيم للجميع، فمن هنا تم إرسالهم إلى طليعة الجيش الأبخازي.
وقد حارب أكثر من ألفي متطوع من أجل حرية أبخازيا واستقلالها. وحصل 51 شخصاً على لقب "بطل أبخازيا"، و 247 شخص – على وسام ليون، و 623 – على وسام "الشجاعة". وقتل أكثر من 260 متطوعاً.
وكما قال الرئيس الأول لأبخازيا فلاديسلاف آردزينبا فيما بعد عن منظمة إتحاد شعوب جبال القوقاز: "أعتقد أن موقف اتحاد شعوب جبال القوقاز لم يسمح بتدمير الشعب الأبخازي!".
وبعد الحرب الوطنية لشعب أبخازيا، لم يشارك اتحاد شعوب القوقاز باسمه مباشرة في الصراعات العسكرية اللاحقة. وفي دورة عقدها برلمان المنظمة في عام 1998، تقرر تعليق الاتحاد مؤقتاً إلى حين تقديم طلب التجديد من أحد الشعوب. وكان هذا في الواقع نهاية عمل إتحاد شعوب القوقاز.