كتاب "قبسات أبخازية في الشرق"، المطبوع باللغة العربية، للباحث المؤرخ عدنان قبرطاي ( حبا )، يتحدث عن البصمات، التي تركها أحفاد الأبخاز في الشرق الأوسط.

كتاب " قبسات أبخازية في الشرق "، الذي طبع في سوريا ، وعدد نسخه، التي لم تتجاوز ال500 نسخة، يحكي عن عشرات الشخصيات المهمة من أصول أبخازية، الذين عاشوا في أوقات مختلفة في بلدان الشرق الأوسط. مؤلف الكتاب ، عدنان قبرطاي (حپا)، العقيد الجوي الركن المتقاعد ، المؤرخ ، وهو من احفاد القوقازيين في المهجر.

ويؤكد المؤرخ،  أن الكتاب قد شمل العديد من الاسماء المشهورة.

من الصعب التركيز على قائمة الأسماء بسبب عددها الكبير ، فهذه الشخصيات، كانت قد واكبت تاريخ أواخر دولة سلاطين الشراكسة وأزمنة الإمبراطورية العثمانية وحتى يومنا هذا. وتتراوح مناصبهم من  سلطان ورئيس وزراء ووزراء في الدولة العثمانية ، و قادة جيش وجنرالات وباشوات وكتاب ومؤرخون وشعراء وصحفيون وفنانون وكتاب مسرحيون ومفكرون وعسكريون في القوات البرية والبحرية والجوية. . يمكن الكتابة عن معظمهم في كتب منفصلة. أعتقد أنهم جميعاً يمكن أن يكونوا فخرًا للأبخاز من جيل إلى جيل

تفاصيل نادرة

يقدم الكتاب أيضًا معلومات عن أمهات وزوجات السلاطين والوزراء والقادة العسكريين والباشوات العثمانيين - ونساء من أصول أبخازية.

" فعلى سبيل المثال ، كان للسلطان  الإمبراطورية العثمانية عبد الحميد الثاني (آخر حاكم للإمبراطورية العثمانية ، الذي حكم في اعوام 1876-1909 – ملاحظة المحرر) زوجات أبخازيات ، واحدة منهن كانت تدعى السيدة نازك آدا. هي أميرة أبخازية الأصل ، والدها هو الأمير أرزكان بك تسانابه، ووالدتها الأميرة أسماء قلج. استمر زواج السلطان من الأميرة الأبخازية من عام 1863 حتى وفاتها في 11 أبريل 1895. وتزوجها عبد الحميد بعد أن رآها في قصر شقيقته جميلة سلطان.

 كان هذا قبل عشية اعتلائه العرش في القسطنطينية (اسطنبول الآن – ملاحظة المحرر.). بعد خمس سنوات ، ولدت ابنتهما الوحيدة ، علوية سلطان. وتوفيت الفتاة في السابعة من عمرها نتيجة حريق مأساوي ، وكان هذا الحادث قد سبب جرحًا عميقًا في صدر السلطان. 
يحكي الكتاب أيضًا عن قرية المومسية وسكانها ، القرية الأبخازية الوحيدة في سوريا. ويؤكد المؤرخ، أن جميع سكان القرية تقريبًا هم من الأبخاز ، وأن عائلة واحدة فقط هم من القبرطاي اضافة الى العديد من العائلات التركمانية الطورانية كانت تعيش هناك.

القرية الأبخازية تقع في الجولان العربي السوري. في التقرير السنوي للإمبراطورية العثمانية لعام 1878 ، هناك الوثيقة رقم 1 ، التي تشير إلى إنشاء 10 قرى شركسية في منطقة القنيطرة ، الواقعة جنوب غرب سوريا ( في ذلك الوقت، كان يطلق على الأديغة والأبخاز تسمية الشركس - ملاحظة  المحرر). وللتنويه ، أنه في التقرير السنوي للإمبراطورية العثمانية ، فد بلغ عدد الأبخاز الذين سكنوا وأسسوا قرية المومسية 67 شخصًا ، منهم 36 رجلاً و 31 امرأة ، وبلغ العدد الإجمالي للعائلات الأبخازية 17 عائلة. عدد الأبخاز في الاحصائيات  وفقًا لسجلات النفوس الرسمية قبل عام 1958 – اذ بلغ عدد سكان قرية الغسانية 335 نسمة (في عام 1956 ، تم تغيير اسم  بعض القرى الشركسية في مرتفعات الجولان ،و منها قرية المومسية  إلى أسماء جديدة من أصل عربي ، لذلك، فقد تم استبدال اسم قرية المومسية وأصبحت الغسانية، وذلك تيمنا باسم احدى القبائل العربية القديمة – ملاحظة المحرر.). هذا رقم مهم ، اضافة إلى حقيقة أن عدد المكتومين في ذلك الوقت كان مرتفعًا. وفي مصدر آخر بتاريخ 15 سبتمبر 1935 ، نجد: 50 عائلة من الأباظة ، يمثلها الشيخان بكر آغا والحاج سليمان آغا" ، - معطيات استشهد بها المؤرخ عدنان قبرطاي.   

حقائق وشخصيات

قام المؤلف بجمع مواد الكتاب بدقة لمدة نصف قرن ، ودرس المواد والوثائق التاريخية في المكتبات ومراكز البحوث والتقى بالعديد من المعاصرين للكتابة عنها.

"لقد أوليت اهتمامًا خاصًا للمعلومات الواردة في الكتب التي اشتريتها ، والموجودة في المكتبات العامة للدولة ، وكذلك في مراكز البحوث ، وخاصة مركز الوثائق التاريخية  في دمشق ، حيث يمكنك الوصول الى آلاف الوثائق وفيها أكثر من 2300 مجلد. في كتابي صور لوثائق عثمانية وأوامر سلطانية ، وقد قمت بنسخها من مركز الوثائق ومن المكتبات العامة والخاصة. كما تم جمع المعلومات من وسائل الإعلام التلفزيونية والمطبوعة ، ثم الصحف العثمانية ، الصادرة  بعد عام 1918 – ومنها الجريدة الرسمية العثمانية "السلنامات العثمانية" ، والصحيفة الدمشقية "المقتبس" والجريدة الرسمية "الجريدة السورية". اضافة،  إلى انه كانت هناك مقابلات شخصية مع أشخاص من الأبخاز والأديغه في الشتات ، وكتبت الكثيرعن شهاداتهم ومعلوماتهم.: "لقد نقلت عنهم كشهود عيان وأدرجت أقوالهم في الكتاب"،-  قال الباحث.

" قبسات أبخازية في الشرق " - هو كتاب كبير الحجم، يتكون من 250 صفحة. ولتوضيح محتوى الكتاب ، تم استخدام صور لشخصيات أبخازية مشهورة ، حصل عليها المؤرخ من الأصدقاء والأقارب ، وكذلك من الجمعية الخيرية الشركسية التي عمل فيها لعدة عقود.

يوجد مقالات مستقلة عن كل شخصية تاريخية في الكتاب.

"طول المقالات ، التي تتحدث عن شخصيات الكتاب، تتراوح من بضعة أسطر إلى عدة صفحات. هناك مقالات مفصلة عن بعض الشخصيات ومكتوبة بالتفصيل ، وبعضها أقل إفادة وتفصيلا . هذا يعتمد على أهمية الشخص ، وكذلك يعتمد على مدى ضخامة أو ندرة المعلومات بالنسبة لي"،-  قال عدنان قبرطاي.

ومن بين الشخصيات الذين خصّهم المؤلف في كتابه ، ذكر المؤرخ المصري المعروف محمد بن إياس الحنفي -  و هو من اصول أبخازية .

"من بين أشهر الأعمال لهذا الأباظة الشركسي الشهير (وانا أستخدم عبارة" الأباظة الشركسي" ، لأنه في سياق بحثي حول تاريخ الشركس بشكل عام ، وجدت أنه بين المؤرخين العرب، ومنذ القدم، كان من الشائع ان ينسب الأبخاز والأباظة إلى الشعوب القوقازية الشركسية) – الموسوعة التاريخية التي تحمل عنوان  "بدائع الزهور في وقائع الدهور" ، والتي تتكون من أحد عشر مجلداً كبيراً، المعروفة بتاريخ ابن إياس، وكذلك "نشق الازهار في عجائب الامصار - وهو كتاب في علم الفلك والآثار الفرعونية وملوك مصر القدماء، وكتاب "عقود الجمان في وقائع الأزمان"؛ وهو ملخص لتاريخ مصر ، وكتاب "نزهة الأمم في العجائب والحكم" ، وهو موجز لتاريخ العالم. كانت كتاباته التاريخية غنية،  لاحتوائها على الكثير من التعابير الشعرية الجميلة. كتب قصائد جميلة وصف فيها الحقائق والأحداث بين الناس ، ويستخلص منها العبر الحياتية المختلفة. توفي في القاهرة عام 1533 م ودفن هناك"،-  قال عدنان قبرطاي.

بطل آخر في الكتاب – العميد المتقاعد رأفت بكر أباظة ، الذي كان قائد سرية الدبابات الأولى في الجيش العربي السوري خلال حرب أكتوبر التحريرية عام 1973 مع إسرائيل (في تاريخ العالم، "حرب يوم القيامة"، و"الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973" -  هو نزاع عسكري بين تحالف الدول العربية وإسرائيل ، والذي وقع في الفترة من 6 أكتوبر إلى 23 أكتوبر 1973 – ملاحظة المحرر.).

" كما أنه شارك في حرب الأيام الستة ( الحرب بين إسرائيل وتحالف الدول العربية ، والتي استمرت من 5 إلى 10 يونيو 1967 – ملاحظة المحرر.). قاد رأفت بكر أباظة مجموعة إنزال في هضبة الجولان في قريتي واسط وكفر نفاخ في عمق الاراضي التي تحتلها إسرائيل"،-  أضاف المؤرخ عدنان قبرطاي.

قصة المؤلف

مؤلف كتاب "قبسات أبخازية في الشرق" ، الكاتب عدنان قبرطاي نفسه، يحق له أن يصبح بطلاً حقيقيا في كتابه، باعتباره احد احفاد المواطنين  القوقازيين في سوريا ، الذي حقق نجاحات كبيرة في حياته المهنية وأعماله البحثية. اليوم لديه حوالي 60 كتابا ومطبوعة عن "الشراكسة" وغيرهم  . ظهر اهتمامه بالتاريخ منذ الطفولة ، عندما ( تم تربيته وفق العادات الشركسية وعلّم اللغة الشركسية من قبل والديه مثل كل الشراكسة في الشتات ) واستشهد بقصص من الفولكلور والتراث الثقافي الشركسي الشفهي ، فقد كان  والده  موهوبا في تلك الامور.

"تنحدر عشيرتي من عشيرة حاپا (خابوف) ، التي تعيش حاليًا في العديد من قرى جمهورية قباردينو - بلقاريا ، وعائلتي من كاباردا الصغرى، من قرية حبتسه . استقر الشركس في سوريا في مناطق مختلفة من الشمال إلى الجنوب ، وعدد قراهم كانت أكثر من أربعين قرية، واستقر أجدادي في القنيطرة. لدي صورة جواز سفر جدي – فقد ولد عام 1861 في القنيطرة ، في مرتفعات الجولان. كانت هناك 18 قرية شركسية في الجولان ، إحداها كانت قرية المومسيه ، وهي قرية أبخازية دمرتها الجرافات الإسرائيلية بالكامل بعد حرب 1967 ، بما في ذلك مسقط رأسي القنيطرة، اضافة للقرى العربية والتركمانية الأخرى . منذ عام 1967 ، أنا أعيش بشكل دائم في دمشق "،- سرد الكاتب لمحة عن حياته.

ظهرت الرغبة للانخراط بشكل جدي في العمل البحثي حول دراسة الشعوب القوقازية، وتعززت الهمة في وجدان عدنان، عندما نضج ، وأنهى المدرسة الثانوية ، ثم وجوده في الخدمة العسكرية. و زاد اهتمامه ، ذلك بسبب غياب الكتب حول الموضوعات ذات الصلة في ذلك الوقت.

 "وأضاف : " في سوريا، تكاد الكتب أو المنشورات ، التي تتحدث عن الأبخاز أو أبخازيا مفقودة ، باستثناء كتاب" المعمرين الابخاز  "للمؤلفة  سولا بينيت ، وترجمة الأستاذ  فاضل جتكر (أروتا). خلال خدمتي في القوات الجوية السورية لمدة 35 عامًا كضابط ، جمعت قدرًا كبيرًا من المعلومات والوثائق التاريخية ذات الأهمية. أنا أعمل بجد على ذلك حتى يومنا هذا". 

كتاب "الحق في القضية الابخازية"

كتاب "قبسات ابخازية في الشرق"،  هو ثاني كتاب عن الأبخاز بقلم عدنان قبرطاي. الأول كان عن الحرب الوطنية لشعب أبخازيا في 1992-1993 - " الأبخاز الشراكسة أزل و أبد". تم نشره عام 1994 في طبعة من 1000 نسخة، ووزعها المؤلف مجانًا، بسبب ندرة المعلومات حول الأبخاز في ذلك الوقت. نشرها باسم أخته أميرة قبرطاي، اذ كان يومها عقيدًا نشطًا في الجيش في ذلك الوقت. 

ويشرح عدنان قبرطاي موضحا : "طُلب مني عدم الكشف عن اسمي ، لأن الظروف في ذلك الوقت لم تكن مناسبة ، اما الآن، فيمكنني نشر كتبي بالأصالة عن نفسي".

وأشار، إلى أن هذا الكتاب هو أول كتاب ينشر في العالم العربي "عن حقيقة القضية الأبخازية " ، وحول مسار الحرب ، وعن الشخصيات العسكرية".

وأشار عدنان قبرطاي، إلى أن "الحرب الجورجية العدوانية ضد الأبخاز، التي قامت منذ حوالي ثلاثة عقود مضت، أصبحت الشغل الشاغل للأبخاز والأديغة الشراكسة في الشتات ، وهذا ما يفسر اهتمامي بالموضوع. - الكتاب مزود برسومات وصور من المجلات والصحف، التي نقلت أنباء عن تلك الحرب،  ووضعت صورا للجنود الأبخاز والاسرى الجورجيين. تشتمل المواد التوضيحية أيضًا على صور لمتطوعين من الأديغة والأبخاز، الذين  قدموا كمتطوعين من سوريا". 

وقال المؤرخ، ان أقاربه شاركوا أيضًا في الحرب الوطنية لشعب أبخازيا ، ولا تزال قصاصات الصحف وتسجيلات الفيديو لأخبار تلك الفترة محفوظة في أرشيف العائلة.

"زوجتي من عشيرة أروتا الأبخازية. منذ اليوم الأول للحرب ، شارك شقيقها الأكبر فريد أروتا وشقيقها الأصغر رياض أروتا في القتال. حاربوا في كتيبة القبرطاي مع العديد من الشباب الأبخاز  والأديغة الشراكسة  السوريين ، بما في ذلك زيوار تشيتشبا ، وغسان شركس ، وزاور تشيتشبا ، ونضال أغربا ، وداني أغربا ، وفاضل بجنكه ، وبسام نوح وآخرين. أصيب فريد أروتا بجروح خطيرة جراء شظية قذيفة أثناء المعركة وتوفي في المستشفى بمدينة تكوارتشال المحاصرة. أثناء اندلاع الحرب ، تابعنا عن كثب الأخبار من خلال وسائل الإعلام العربية، التي غطت الأحداث في أبخازيا في بياناتها الإعلامية. "نحن في العائلة ما زلنا نحتفظ بجميع مقتطفات الأخبار على أشرطة الفيديو"،-  قال عدنان. 

مواضيع مهمة للترجمة

عدنان قبرطاي متأكد ، أنه إذا تمت ترجمة كتابه الجديد "قبسات أبخازية في الشرق" من العربية إلى الأبخازية ولغات أخرى ، فان الكتاب سوف يجد قراءه بالتأكيد.

واضاف قائلا : "سيكون الكتاب ممتعًا، لأنه فرصة لمعرفة المزيد عن تاريخ أبخازيا وهويتها الوطنية وماضيها وحاضرها ومستقبلها. فخلال زيارتي الأخيرة إلى أبخازيا ، أوصى الأبخاز والأديغة الشراكسة العائدون إلى الوطن، ان اجلب معي نسخ عديدة من الكتاب في المرة القادمة ، كي اهديها للمعارف والمهتمين".

 يأمل الكاتب عدنان قبرطاي أن تنشر "قبسات ابخازية في الشرق" وكتبه الأخرى بعدة لغات نظرا لأهمية الموضوعات التي تغطيها و الوثائق الفريدة والحقائق التي جمعها المؤرخ خلال حياته.